الانتخابات الإيرانيّة: خامنئي ضدّ خامنئي
Spread the love

بقلم أمين قمورية

«أساس ميديا»

إنّها الانتخابات الإيرانيّة. إيران تنتخب مجلساً جديداً للشورى، ومثله لخبراء القيادة المخوّل قانونياً تعيين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية وعزله والإشراف على أدائه. .ويبدو أنّ الصراع سيكون بين خامنئي… وخامنئي.

بين عامَي 1996 و2000، شهدت حملات الانتخابات الإيرانيّة الاشتراعية  منافسة حادّة بين التيّارين الإصلاحي والمحافظ. ولم تترك البرلمانات المنبثقة من تلك الاستحقاقات أيّ شأن إيراني داخلي وخارجي إلا وناقشته بسخونة. بما في ذلك اتجاه الثورة ومسارها.

بطبيعة الحال، أحبط مجلس صون الدستور المعيّن من المرشد، أيّ تشريعات تمسّ بالثورة أو تزيد من هامش الحرّيات التي يمكن أن تُمنح للناس. ويحظى هذا المجلس بسلطات واسعة بما في ذلك سلطة نقض أيّ مشروع قانون برلماني. واستبعاد أيّ مرشّح لأيّ انتخابات. سواء أكانت رئاسية أو برلمانية أو محلية.

التنافس بين التيّارات المتنوّعة والاختلافات الكبيرة في توجّهات المرشّحين بثّت نوعاً من الحيوية السياسية والحماسة الشعبية للمشاركة في الانتخابات الإيرانيّة. فقد تجاوزت نسبتها في الدورتين الانتخابيّتين اللتين حملتا الإصلاحي محمد خاتمي إلى سدّة الرئاسة مرّتين، تسعين في المئة. وانتظر الملايين من الإيرانيين نساء ورجالاً ساعات طويلة للإدلاء بأصواتهم على أمل إحداث التغيير السلمي والتدريجي. الناخبون يريدون التغيير. والنظام روّج للمشاركة الواسعة كدليل على شرعيّته وجماهيريّته.

إفراغ الانتخابات من مضمونها

قبل أن تنتقل طموحات الشبّان والشابّات من إحداث التغيير في صناديق الاقتراع إلى الشارع… أفرغ النظام الانتخابات من مضمونها القادر على التغيير وفتح أبوابه. وجعلها أقلّ تنافسية. بأن أطلق يد مجلس صون الدستور في وضع القيود والسدود أمام أيّ مرشّح لا يلتزم نهج المرشد والحرس الثوري التزاماً مطلقاً بمن فيهم أبناء الثورة نفسها.

وبلغ التشدّد ذروته في الانتخابات الإيرانيّة الرئاسية عام 2009. تلك التي حملت المحافظ محمود أحمدي نجاد الأقلّ شعبية في استطلاعات الرأي، إلى سدّة الرئاسة. على حساب الإصلاحي المعارض حسين مير موسوي صاحب الشعبية الواسعة آنذاك. هذا الأمر فجّر احتجاجات شعبية حاشدة عُرفت بـ”الثورة الخضراء”. بعدما رفع المشاركون فيها الشعارات الخضر التي تسأل: “أين ضاع صوتي؟”. و”من سرق صوتي؟”. ولا يزال قادة هذا الاحتجاج الذي قُمع بالقوّة قيد الإقامة الجبرية.

هنا يبرز دور “مصفاة” مجلس صون الدستور، وإنشاء هيئات جديدة غير منتخبة تتمتّع بسلطة سنّ القوانين. مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والمجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، ومجلس التعاون والتنسيق بين السلطات الثلاث. كلاهما كلّها أفرغت الهيئات المنتخبة من مضمونها. ولا سيما مجلس الشورى الذي ضمرت صلاحيّاته، وصار تكملة شكليّة للوجه “الديمقراطي” للنظام.

بين أنصار خامنئي… وأنصار خامنئي

هكذا صارت الانتخابات الإيرانيّة تنافساً شكليّاً بين المرشد علي خامنئي وأنصاره من جهة، والمرشد علي خامنئي وأنصاره الآخرين من جهة أخرى. وإن حمل بعضهم صفات مثل المعتدلين أو المحافظين. أي باختصار: “خامنئي ضدّ خامنئي”. ودفع ذلك إلى إحجام الإيرانيين عن الاهتمام بالانتخابات والتعويل عليها وانخفاض نسب المشاركة تدريجياً بعدما زاد اقتناعهم باستحالة التغيير من الداخل.

أدّت عملية “التطهير” ووجود “المصافي” إلى خروج أصحاب الكفايات والخبرة، والإتيان بـ”ثوّار” أصغر سنّاً وأكثر حماسة. وهو ما أفقد الانتخابات عامل جذب النخب للعمل في الشأن العامّ. وفاقم العجز البيروقراطي للنظام. وساهم في تفشّي الأزمات الاقتصادية، وتزايد الاستياء الشعبي العامّ وتفجّر تظاهرات حاشدة في السنتين المنصرمتين. على غرار ما حصل بعد وفاة الشابّة مهسا أميني.

يغيب عن هذه الانتخابات الإيرانيّة التيّار الإصلاحي بعدما أُبعد أقطابه عن المشاركة “لعدم أهليّتهم”. وبسبب القانون الانتخابي الجديد الذي يقيّد حركتهم. وبات التنافس محصوراً بين أهل البيت الواحد و”جيرانهم”، أي التيارَين الأصولي والأصولي الألطف المسمّى المعتدل.

المحافظون يتوحّدون

اتّفق الجناحان الرئيسيان للأصوليين (الرئيس الحالي لمجلس الشورى، محمد باقر قاليباف، والرئيس الإيراني الحالي، إبراهيم رئيسي)، على قائمة موحّدة للانتخابات البرلمانية. تتضمّن هذه اللائحة 30 مرشّحاً عن دائرة العاصمة طهران، التي تحدّد ملامحها الاتجاهات المقبلة للبرلمان. وجاء الاتفاق بين هذين الجناحَين، بعدما كان مقرّراً أصلاً،

يتبع الإثنين

أمين قمورية

 

The post الانتخابات الإيرانيّة: خامنئي ضدّ خامنئي (1) appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات