واحد وعشرون عاماً مرَّ على التجربة الديمقراطية في العراق ليكون معها في مستوى الدول التي تحترم حقوق الإنسان وتعتمد آلية التغيير السياسية عبر صناديق الاقتراع، هذه التجربة التي خرجت من رحم معاناة طويلة عاشها الشعب العراقي على يد سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها النظام المباد والتي أدت إلى عدد كبير من الضحايا سواء عن طريق الإعدامات أو المقابر الجماعية أو زجهم في حروب لا معنى لها، وكذلك المعتقلات والسجون والمطاردات ومراقبة المخبرين.
وبعد العام 2003 تغيرت البوصلة السياسية والاجتماعية للعراق وبات الواقع الحياتي ينسلخ من تلك الحقبة التي ذاق خلالها ويلات وعذابات.
لا مجال للمقارنة
في هذا الصدد، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب أرشد الصالحي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنه “لا يمكن مقارنة مدى وضع الديمقراطية ما بين النظام السابق و بين نظام ما بعد 2003 بالرغم من التعثرات الموجودة في أسلوب النظام السياسي بعد 2003 فالنظام السابق نظام دموي ودكتاتوري، نظام شمولي لم يكن فيه أي شيء من الديمقراطية، أما العراق ما بعد 2003 فقد تحول إلى نظام ديمقراطي قائم على فصل السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، وأيضاً هنالك دستور مقر من قبل الشعب أغلب مواده ترقى وتهتم بمبادئ حقوق الإنسان وتهتم بحرية التعبير عن الرأي، وتهتم بمجال إعطاء الفرصة للمكونات في التمثيل بمجلس النواب التشريعية بنظام الكوتا المعروفة للأقليات، كل هذه الأمور هي مختلفة عمّا موجود في النظام السياسي السابق”.
بعد 2003.. جوانب إيجابية
وأشار الصالحي، إلى أن “الجوانب الإيجابية بعد 2003 عديدة، ولا تتعلق بالجانب السياسي فقط، بل تشمل مختلف جوانب الحياة مثل حرية التعبير عن الرأي ووجود المئات من منظمات المجتمع المدني، وهنالك الرأي والرأي الآخر، وكذلك في مجال الإعلام والصحافة، وجميع تلك الأمور ومن ضمنها المادة 38 من الدستور التي ضمنت ودعمت حرية التعبير عن الدستور والقانون”.
حقوق الإنسان
بدوره، قال المتحدث باسم حركة حقوق علي فضل الله لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن “العراق عاش فترة مظلمة مع النظام المباد خاصة في مجال حقوق الإنسان، فذلك النظام عمد إلى تجاهل حقوق المواطن العراقي في كثير من المجالات بل حتى وصل الموضوع إلى هتك حرمة دم وأرواح العراقيين، ولكن اليوم العراق يشهد تطوراً كبيراً في هذا الجانب وهنالك احترام الحكومة العراقية لهذا المفهوم على مستوى دوائر الدولة ومؤسساتها وخصوصاً في موضوع التحقيقات”، مؤكدا، أن “العراق قطع أشواطاً كبيرة في موضوع ترسيخ حقوق الإنسان وكفالة حرية التعايش بسلام ما بين مكونات المجتمع العراقي”.
حرية التعبير
وتابع فضل الله، “أما على مستوى حرية التعبير فإن الدستور العراقي أشار في المادة 38 إلى وجوب تشريع قانون يضمن حرية التعبير وحصانة هذه الحرية للمواطن العراقي، صحيح أن البرلمان لم يشرع هذا القانون لكن بنفس الوقت أرى أن حرية التعبير تشهد تطوراً كبيراً جداً في العراق بداية من مستوى حجم الفضائيات ومواقع التواصل والوكالات الفضائية والمواقع الإلكترونية وعدد الصحف وصولاً إلى مراحل متقدمة ومتطورة جداً في هذا الجانب لذلك أن العراق وصل إلى مرحلة تكاد تكون مثالاً إيجابياً لدول المنطقة”.
وأضاف، “نحتاج في هذا الجانب إلى تشريع قانون يضمن هذه الحرية ويبين مساحة حرية التعبير للفرد العراقي على أن تكون محصنة بكفالة القانون لضمان سلامة الشخص أو المجموعة أو المجتمع في إبداء رأيه واعتراضه تجاه أي قضية تخص الدولة العراقية”.
رفع شعار الديمقراطية
من جانبه، أكد المحلل السياسي حمزة مصطفى لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “التجربة العراقية بعد عام 2003 رفعت شعار الديمقراطية وكرّست الجوانب الأساسية في هذا المجال مثل الانتخابات والتعددية والتبادل السلمي للسلطة وجميع هذه الأمور تعكس الواقع الديمقراطي وهذا الأمر لا يقارن بالنظام السابق الشمولي الذي لم يكن يعرف شيئاً عن التعددية، لكن اليوم العراق يمر بأفضل حالاته من خلال تعدد المنصات والصحف والفضائيات وحرية التعبير، وهناك نقد ومراقبة للدولة وحتى عندما تكون هناك إشكالية فتحل من خلال القضاء”.