أثبتت المرأة البحرينية حضورها القوي وعطاءها الفاعل والمتميز في مختلف القطاعات التنموية، وبدا ذلك أكثر وضوحاً وجلاء في القطاع الصحي خلال الظروف الصحية الاستثنائية للجائحة العالمية كوفيد-19. حيث ساهم حضورها في تطوير المنظومة الصحية في المملكة معززا بذلك المكتسبات التنموية التي تحققت في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.
ويرتكز الدور الكبير للمرأة البحرينية في القطاع الصحي على إرث طويل ومشرف يؤكد أنها حاضرة على الدوام في مسيرة بناء وطنها، واكتسبت مسيرة المرأة في البحرين زخما إضافياً بعد إنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة عاهل البلاد صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة والدور الذي يضطلع به في وضع وتنفيذ استراتيجيات وبرامج وطنية كان لها الإسهام والأثر الكبير في دعم المرأة البحرينية وتقدمها.
تاريخ مشرّف
وتؤكد المعطيات التاريخية أن المرأة البحرينية كانت على الدوام في الصف الأول للتصدي للأزمات وتسعى على الدوام للنهوض بالدور المناط بها وترسيخ الأمن الاجتماعي والصحي والوطني، وحرصها الدائم على الارتقاء بمكانتها الفكرية والعلمية والثقافية والاجتماعية، ودمج نفسها وأسرتها ومحطيها في السياسات العامة للدولة، وفي صناعة المستقبل. إذ اضطلعت المرأة بأدوار عدة تميزت من خلالها بالعطاءات النبيلة ضمن الطواقم الطبية والتمريضية والمهن المساعدة في جميع المستشفيات والمراكز الصحية والإدارات المساندة، مجسدة قيّم الولاء والانتماء للوطن وقيادته الحكيمة، ومواصلة العمل بكل مسؤولية ووطنية لساعات طويلة من أجل سلامة المواطنين والمقيمين.
إن هذه العطاءات هي امتداد لتاريخ مشرف لحضور المرأة البحرينية في مجال الطب والصحة في البحرين، ففي العام 1941 تم تعيين أول ممرضة بحرينية مؤهلة وهي المرحومة فاطمة الزياني، كمساعد لرئيس الممرضات في مستشفى النعيم. وفي العام 1959 بدأ تعليم التمريض في البحرين بافتتاح أول مدرسة للتمريض، وعينت وقتها “أمينة قربي” كأول مديرة لهذه المدرسة. أما في فترة الستينات من القرن الماضي، فقد تم ابتعاث أول بعثة من الممرضات. وفي حقبة السبعينات بدأت البعثات لدراسة التمريض التخصصي، حيث تم ابتعاث 6 ممرضات للخارج. وفي العام 1973 عيِنت الممرضة “ليلى مراد” كأول ممرضة بحرينية في مجال اختصاص الصحة النفسية. وفي العام 1978 تخرجت أول ممرضة في برنامج بكالوريوس التمريض في جامعة بغداد، وهي “السيدة أمينة عبدالله جناحي”. وفي العام 1979 تم تعيين أول ممرضة بحرينية، وهي السيدة “جميلة القصير” في الخدمات العسكرية بقوة دفاع البحرين.
حضور كمي ونوعي كبير
وتسجل المرأة البحرينية اليوم حضوراً بارزاً في القطاع الصحي، حيث تشكل الطبيبات 65 % من إجمالي عدد الأطباء في القطاع العام في مملكة البحرين، و76 % من الممرضين، إضافة إلى حضورها البارز على مستوى الإدارات العليا والمتوسطة في كثير من منشآت القطاع الصحي.
وهو ما انعكس إيجابا على حضورها في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة فيروس كوفيد-19، حيث تمثل المرأة البحرينية 75 % من العاملين ضمن صفوف الفريق الوطني لمكافحة هذا الفيروس، وتمثل ضمن الفريق ما نسبته 80 % من العاملات في المناصب التنفيذية، وبلغت نسبتها 64 % من إجمالي العاملين ضمن الفريق الميداني في عمليات الحجر والعزل والكشف على الحالات، و 71 % من إجمالي العاملين في المختبر، كما بلغت نسبة اللاتي يعملن على تحليل وتجميع البيانات 78 %.
جسر عبور البحرين لأزمة كورونا الصحية
وتساهم المرأة البحرينية ضمن الطواقم الطبية والصحية في مملكة البحرين التي أظهرت كفاءة عالية في تحمل مسؤوليتها في مواجهة الجائحة غير المسبوقة، فمنذ الاستعدادات الأولى وتجهيز البنية التحتية في القطاع الصحي للتعامل مع حالات الإصابة بكورونا، كانت المرأة حاضرة في تلك الاستعدادات التي شملت تدريب الطواقم الطبية والصحية، وإجراءات الفحص في المنافذ الحدودية والمدارس وغيرها، وتجهيز مراكز العزل والعلاج وغيرها، وهو ما ساهم فيما بعد بالتعامل مع حالات الإصابة بالفيروس بدقة وسلاسة.
وتظهر المرأة البحرينية العاملة في القطاع الصحي استيعابا كبيرا لكافة القرارات والإجراءات الحكومية المتخذة من أجل الوقاية من فيروس كورونا والحدّ من انتشاره، إضافة إلى تطبيق فاعل لمفردات الخطة العامة والبروتوكولات الطبية العاجلة التي وضعت بناء على الإرشادات العالمية وإرشادات مجلس الصحة في دول الخليج وبحسب ما أوصت به منظمة الصحة العالمية.
وينظر الجميع بعين الاعتزاز والفخر لما تقوم به الكوادر الصحية من جهود لتقليل أثر هذا الفيروس على مملكة البحرين ما أمكن، والدور الفعال في تطبيق أفضل الممارسات الطبية والصحية في الفحص والعلاج.
أدوار متعددة ومؤثرة
وتنهض المرأة البحرينية بدور كبير في مجال نشر الوعي الصحي للوقاية من فيروس كورونا، حيث لا تنحصر مسؤوليتها في هذا المجال بوقاية نفسها فقط، وإنما تمتد لتشمل وقاية أسرتها أيضاً، وذلك في إطار دورها في مختلف القطاعات في المساهمة في الجهود الوطنية للوقاية من هذا الفيروس، وضمان سير مختلف أوجه الحياة العامة في مملكة البحرين.
ويأتي الدور الذي تلعبه المرأة البحرينية في مختلف مواقع مسؤولياتها مكملاً وأساسياً لدورها في القطاع الصحي، فالمرأة البحرينية هي بمثابة طبيب الأسرة الأول، إذ تقرر وتدير أسلوب الحياة الصحية الذي تعيشه الأسرة، وهي المعنية بتوجيه الأسرة نحو الخيارات الصحية وجودة الحياة وتعزيز مناعة أفراد الأسرة والمجتمع في ظل الأزمات الصحية.
انعكاس إيجابي على صحة المرأة
وينعكس الحضور الكبير للمرأة في القطاع الصحي على صحة المرأة البحرينية بشكل عام، حيث تشهد مملكة البحرين تقدماً كبيراً في الخدمات الصحية والتوعوية المقدمة للمرأة، ويحرص المجلس الأعلى للمرأة دائماً على تفعيل محصلات مجال جودة الحياة ضمن الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، وتتمحور تلك المحصلات حول تمكين المرأة من التمتع بحياة كريمة وآمنة في جميع مراحلها العمرية، وتعزيز السلامة الصحية والنفسية من خلال متطلبات تحسين جودة حياة المرأة، وتوسيع خيارات العمل المتاحة للمرأة لتكون قيمة مضافة في المجتمع.
وتلتزم البحرين بتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة 2030 الذي ينص على ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، حيث تعتبر التوعية الصحية والوقاية جزءًا أساسيًّا من الخدمات الصحية المقدمة للرجال والنساء على حد سواء.
وتواكب جهود المجلس الأعلى للمرأة في تعزيز صحة المرأة التقدم الذي تحرزه مملكة البحرين في تقديم الخدمات الصحية والطبية وفقاً لأرقى المعايير العالمية لمختلف شرائح السكان، مع التركيز على وجه الخصوص بخدمات الرعاية الصحية المقدمة للمرأة في مختلف مراحل حياتها، مثل فحص الدم والكشف المبكر عن سرطان الثدي، ومتابعة علاج الأمراض المزمنة والتطعيمات ذات العلاقة.