27 April, 2025
بقلم مروان اسكندر – تأثير اختلاف الجمهوريين مع الديمقراطيين على مستوى الدين الاميركي
Spread the love

لقد بدأت تظهر مؤشرات على نية الرئيس بايدن للترشح لرئاسة ثانية بعد عامين وبدأ دونالد ترامب يترأس اجتماعات طابعها انتخابي.

الرئيس بايدن اعتمد على تطوير برنامج للاستثمارات في منشئات البنية التحتية تبلغ تكاليفه 1.2 تريليون دولار والجمهوريون منقسمون حول هذا البرنامج. فالعدد الاكبر منهم يطالب بشطب مشروع بايدن وثمة عدد اقل لكنه مهم من رجال الكونغرس ممن يفضلون اختصار النفقات الدفاعية دون التخلي عن المشاريع الانشائية.

السبب الرئيسي للاهتمام بالموضوع ان سقف المديونية الاميركية رفع الى 32.1 تريليون دولار منذ اقل من سنة وحوالى عيد الميلاد عام 2022 نبهت وزيرة المال ان عدم زيادة سقف المديونية العامة للدولة الفدرالية يعني عجز الدولة عن دفع معاشات موظفيها وتسديد السندات السيادية المستحقة. بكلام آخر كانت الولايات المتحدة على حافة السقوط في تصنيفات الدول على الصعيد المالي الى دولة مارقة، مما يعني عجز الدولة عن الاقتراض لحاجاتها الملحة ومعاشات موظفيها، وبالطبع رفع سقف المديونية لكن تصنيف الولايات المتحدة الاستقراضي انخفض، واليوم مستوى التخوف ارتفع لان المديونية ارتفعت من ذلك التاريخ وبوسع الولايات المتحدة الاستمرار دون ازمة كيانية ودولية حتى شهر تموز المقبل، فان لم يرفع سقف المديونية، وقد اصبح من الامتحانات الاساسية لقدرة الدولة على ايفاء التزاماها، يتعثر دور الدولار كعlلة رئيسية تحتفظ بها غالبية البلدان الميسورة،. فعلى سبيل المثال سويسرا التي كانت بنوكها التجارية افلست عام 2008 بذلت جهودًا جبارة لاستعادة حجم احتياطها النقدي الذي اصبح على مستوى التريليون دولار لدى البنك المركزي والصين التي اصبحت من كبريات الدول اقتصاديًا تحوز احتياطي من الدولارات يوازي 1.2 تريليون دولار، وديون البنوك المركزية للدول الصناعية اجمالاً يفوق ال62 تريليون دولار قبل انجاز الاقتراض الاميركي، وحجم الاقتراض الاميركي يفوق نسبة 50% من مجموع احتياطات البنوك المركزية الرئيسية.

وبالتأكيد لن تشهد ازمة تتناول قيمة وموقع الدولار. فمن المعلوم ان مستندات استيراد الدول الكبرى بالدولار تشكل 60% من حجم المستوردات الكلي، ولهذا السبب نبهت رئيسة البنك المركزي الاوروبي منذ سنة واكثر الى امكانية تطور ازمة الدولار وبالتالي يجب النظر لأسباب الاهمية بتجاوز الاحصاءات الرقمية فقط ويطاول مصداقية البنوك المركزية الكبرى عن سداد ديون دولها.

طبعًا معلوم ان اهمية الدولار في النظام المالي العالمي تقررت عام 1944 في اجتماع دولي اجري في الولايات المتحدة يسمى باتفاقية بريتان وودز Bretton Woods.

الاتفاق هدف الى تكريس النشاطات التمويلية الدولية على اسس تقارب تلك التي اعتمدت في الولايات المتحدة لاعادة بناء الدول الاوروبية المتضررة من الحرب العالمية الثانية، والاميركيون وفروا التمويل والامدادات الانتاجية والغذائية للدول الاوروبية وهي روسيا وفي

الشرق الاقصى حظيت بتمويل وامدادات اسهمت في نهضة اليابان بسرعة، وقد اصبحت منذ السبعينات بلد حداثي متوسع الصادرات وحائز على عملة مستقرة الى حد بعيد.

الدول الاوروبية حظيت بمساعدات اكبر لان اضرارها كانت اوسع انتشارًا، والخبريين الاساسيين في اجتماع بريتان وودز كان جون مايرد كينز الاقتصادي البريطاني المشهور وهو كان يعتبر ان تمويل القطاع العام لاعادة البناء او تطوير البنية التحتية والسلمية امر مناسب، والخبير الاميركي مارشال كان اقل حماسة لنظرية كينز لكنه تجاوب مع توصياته الى حد بعيد، واهتمام الخبيرين كان ينصب على اعادة احياء المبادلات العالمية وتطوير الصناعات المتضررة وتامين العمل لاكبر عدد من العمال والمواطنين القادرين على العمل.

بالمقابل اتفاقات بريتان وودز حافظت على حق الولايات المتحدة وبريطانيا في ممارسة حق الفيتو على سياسات صندوق النقد الدولي الذي تقرر انجازه في ذلك الوقت، والواقع ان هذا الحق كان يبدو من الحقوق الطبيعية للولايات المتحدة التي حولت عملتها الى عملة دولية واسهمت بالقسط الاكبر من المساعدات، حتى لبريطانيا التي منحت حق الفيتو لانها كانت حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى صاحبة الاقتصاد الاكبر عالميًا بسبب دورها المتوسع في السيطرة على الهند وبلدان افريقية وتجارتها المتوسعة مع الصين.

هدف المؤتمرون في بريتان وودز الى تامين حرية التجارة وانتقال الاموال حتى لو كانت عن سبيل الاقراض المتوسع، وبالتالي اصبح الدولار هو العملة الرئيسية في التجارة العالمية واستمر في هذا الوضع حتى الغاء الرئيس الاميركي نيكسون في آب 1971 ارتباط سعر صرف الدولار بالذهب على اساس موازاة كل اونصة ل35 دولارًا واي بلد كان يود تحويل فوائضه من الدولار الى الذهب كان يستطيع الاعتماد على الالتزام الاميركي.

بعد الغاء اعتماد الذهب كقاعدة لتخفيف قيمة الدولار عالميًا بدأت مساعي انجاز سوق اوروبية متكاملة اواسط السبعينات وقررت ست دول اجتمعت في ايطاليا تأليف السوق الاوروبية ومن بعد تأسست مؤسسات اوروبية مشتركة لانتاج الحديد والصلب، حتى الالتزام بالعملة الاوروبية اليورو في التسعينات.

تكرست بلدان الشرق الاقصى في عقدي القرن الواحد والعشرين كبلدان ناجحة في التصنيع والتجارة وبرزت اولاً اليابان، ومن بعد كوريا الجنوبية، وجزيرة هونغ كونغ التي كانت تخضع للتنظيمات البريطانية حتى انتهاء عقد التسعينات، ومنذ عشر سنوات على الاقل اكتسبت الصين اهمية اقتصادية تتجاوز البلدان المشار اليها وسنغافورة، وماليزيا، والهند التي بدأت منذ 5 سنوات تطورًا سريعًا لان الهنود يمتلكون قدرة على الاسهام في ما يسمى اقتصاديات المعارف والبرامج.

اليوم الولايات المتحدة تسعى بكل ما تستطيع الى ابقاء الدولار كالعملة الرئيسية لتمويل التجارة العالمية وتامين التمويل لمشاريع الدول النامية، لكن التنافس السياسي في الولايات المتحدة، وتحركاتها على مستوى ضبط ايقاع التجهيزات النووية وبعض الصناعات الحيوية امور تؤخر

السيطرة الاميركية، واذ ما تمنع الجمهوريون عن اعتماد رفع لحجم الدين العام خلال شهرين قد تتعاظم المضاربات على الدولار وعلى استعمالات ابتكار ادوات الدفع الخاصة والتي بدأت تحظى باهتمام دولي، ولا شك ان مصلحة العالم اليوم هي في اخماد حرب اوكرانيا واعادة روسيا الى مجريات التجارة والاستثمار العالمي، وترسيخ السلام تمهيدًا لتحقيق ضبط لتقلبات الطقس وارتفاع الحرارة ويبدو ان هذه التحديات تفوق الحروب اهمية.

The post بقلم مروان اسكندر – تأثير اختلاف الجمهوريين مع الديمقراطيين على مستوى الدين الاميركي appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات