«بيبي» إلى السجن
Spread the love

بقلم خيرالله خيرالله

في وقت تواجه فيه حكومته ازمة عميقة مع أحزاب اليمين المتطرف، لم يجد بنيامين نتانياهو غير ممارسة عمليّة هروب إلى امام. فعل ذلك عن طريق شن حملة شرسة على المتظاهرين الذين يعترضون على تعديل النظام القضائي. قال «بيبي» الذي سافر إلى نيويورك لإلقاء خطاب امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن المتظاهرين الذي يعترضون منذ بداية السنة على خطة تعديل النظام القضائي «يخدمون منظمة التحرير الفلسطينيّة وايران».

ليس سرّا أن حكومة نتانياهو

من الواضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية فقد اعصابه. يعود ذلك إلى أسباب عدّة. من بين هذه الأسباب وضع حكومته المترنح وشعوره بأن سقوط هذه الحكومة تحت ضغط الوزيرين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش سيؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنيّة يشارك فيها خصماه بني غانتس ويائير لابيد. لا يمكن امثل هذه الحكومة التي تلقى منذ الآن دعما اميركيا قبول خط تعديل النظام القضائي التي تسعى الحكومة الحالية إلى فرضها.

يعيش «بيبي» في هاجس الذهاب ألى السجن لأسباب تتعلّق بالفساد المتورط فيه إلى ما فوق أذنيه. سبق لرئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت أن دخل السجن بعد ادانته امام القضاء. كلّ ما يريده رئيس الحكومة الإسرائيلية هو منع الفضاء من ملاحقته بعد توجيه اربع تهم إليه في قضايا مرتبطة بالفساد. بكلام أوضح يخشى أن يلقى نفسه خلف القضبان يوما كما حصل مع أولمرت. من اجل ذلك، يبدو «بيبي» مستعدا لتقديم كلّ التنازلات لليمين المتطرف والخضوع لكلّ أنواع الإبتزاز، بما في ذلك قطع العلاقات التي استطاعت إسرائيل اقامتها مع محيطها العربي.

سارع زعيما المعارضة الإسرائيلية إلى التنديد بكلم نتانياهو.  قال غانتس: «هؤلاء المتظاهرون مواطنون يحبون بلدهم. إن الضرر الكبير الذي الحقه بنيامين نتانياهو بالمجتمع الإسرائيلي لن يجد له حلا، حتّى او القى الف خطاب حماسي في الأمم المتحدة».

أما يائير لابيد فقال: « لم يوجد في العالم من حطم صورة إسرائيل اكثر من نتانياهو. لم يخدم الإيرانيين أحد اكثر من نتنياهو المصرّ على انقلابه على النظام القضائي».

ستمرّ الأيّام وسيظهر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تتمكن من انقاذ «بيبي» الذي دخل في معركة مع الإدارة الأميركيّة. فقبل أشهر قليلة، أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، المتحالف مع اقصى اليمن من أجل انقاذ مستقبله السياسي، بتصريح من النوع المضحك المبكي. إتهم الجنود الذين في الإحتياط بـ»تعطيل الديموقراطيّة» بسبب موقفهم من خطة الإصلاح القضائي التي قررت الحكومة السير فيها إلى النهاية.

لعب نتانياهو دورا مهمّا في تعطيل عملية السلام مع الفلسطينيين بالتفاهم مع كلّ المتطرفين والممانعين في المنطقة، في مقدّمهم «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران التي استثمرت في دعم «حماس» منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993. لم يكن من هدف لـ»حماس» في يوم من الأيّام سوى منع حصول أي تقدّم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لا يختلف نتانياهو في شيء عن «حماس» التي شجعت، عبر عملياتها الإنتحاريّة، على احداث تغيير جذري داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصا بعد تلك العمليات الإنتحارية التي استهدفت ملهى ليليا في تلّ ابيب أو باصات ركاب في القدس وغيرها في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو.

لا شكّ أنّ اسرائيل لم تكن تريد يوما انهاء احتلالها للضفّة الغربيّة. يؤكّد ذلك اغتيال اسحق رابين الذي وقّع اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات في تشرين الثاني – نوفمبر 1995. لا يزال ييغال عمير، قاتل رابين، يحكم إسرائيل من خلف قضبان سجنه إلى اليوم. لكنّ ما لا بدّ من الإعتراف به أنّها استفادت من كلّ التطورات في المنطقة، التي بات يحكمها المتطرفون من كلّ حدب وصوب، من أجل وضع العراقيل في وجه قيام دولة فلسطينيّة مستقلّة. كان هناك في كلّ وقت حلف غير مقدّس بين جبهة الممانعة العربيّة – الإيرانيّة واليمين الإسرائيلي التي تتنافس اجنحته على حكم إسرائيل وتكريس الاحتلال المستمر  للضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة  منذ العام 1967.

لم تعد قدرة «بيبي» على التعطيل مقتصرة على الوضع الداخلي الإسرائيلي حيث يبدو مستعدا لتقديم كلّ أنواع التنازلات لليمين الإسرائيلي من أجل حماية مستقبله السياسي وتفادي الإنتهاء في السجن. ذهب رئيس الحكومة الإسرائيلية بعيدا في تحدي الإدارة الأميركيّة. فعل ذلك في الماضي مع إدارة باراك أوباما. هل ينجح هذه المرّة مع إدارة جو بايدن؟

في الماضي، ذهب «بيبي» إلى واشنطن والقى خطابا في الكونغرس وذلك من دون المرور عبر البيت الأبيض. تجاهل باراك أوباما تجاهلا كلّيا في آذار – مارس من العام 2015. اظهر «بيبي» وقتذاك أنّه اقوى من المقيم في البيت الأبيض في واشنطن. كانت المفاجأة رضوخ أوباما للأمر الواقع. لم يظهر أي قدرة على مواجهة نتانياهو. كلّ ما فعله كان أن صبّ جهوده على دعم ايران عن طريق التوصل إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي. وفّر ذلك الاتفاق مليارات الدولارات التي استغلتها «الجمهوريّة الإسلاميّة» في دعم ميليشياتها المنتشرة في كلّ انحاء المنطقة.

الأكيد أن رئيس الحكومة الإسرائيلية امام تحدّ جديد في أيامنا هذه. لهذا التحدي وجهان داخلي واميركي. هل يتمكن من الإنتصار على جو بايدن كما انتصر في الماضي على باراك أوباما. يبدو ذلك مستبعدا لسبب واحد على الأقل. يتمثل هذا السبب في وجود أكثرية في داخل إسرائيل تعترض على ما تقوم به حكومته. هذه الأكثرية مصمّمة على منع خطة الإصلاح القضائي وعدم تمريرها… كما تبدو مصمّمة على ادخال «بيبي» السجن.

The post «بيبي» إلى السجن appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات