20 April, 2024
Search
Close this search box.
تسجيل يكشف دور سليماني وقاليباف في الفساد بالحرس الثوري
Spread the love

كشف تسجيل صوتي مسرَّب مدته 50 دقيقة عمق الفساد في الحرس الثوري الإيراني وضلوع شخصيات في أعلى المستويات فيه، من قبيل عمدة طهران السابق والرئيس الحالي للبرلمان الجنرال محمد باقر قاليباف والقائد السابق لفيلق القدس (ذراع التدخل الخارجي للحرس) الجنرال قاسم سليماني وآخرين من كبار قادة الحرس.

وحصلت إذاعة “فردا” الأميركية الناطقة بالفارسية على هذا التسجيل الذي يتضمن بمعظمه محادثة سرية تمت عام 2018 بين القائد السابق للحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعد الحرس الثوري في شؤون الاقتصاد والبناء صادق ذو القدر نيا حول فساد يتعلق بفيلق القدس بقيادة سليماني وبتعاونية الحرس الثوري وببلدية طهران برئاسة قاليباف.

وتمت الإشارة في هذا التسجيل إلى تورط مباشر لقاليباف (وهو جنرال سابق في الحرس الثوري) في الفساد عندما كان يشغل منصب عمدة طهران، بالإضافة لتورط سليماني ومساعد الحرس للشؤون التنسيقية جمال الدين آبرومند، ورئيس منظمة مخابرات الحرس الثوري حسين طائب بقضايا فساد أيضاً.

محمد علي جعفري وقاسم سليماني
محمد علي جعفري وقاسم سليماني

وفي التسجيل، قال الجنرال صادق ذو القدر نيا إن محمد باقر قاليباف، عمدة طهران آنذاك، كان منزعجاً جداً من طرح قضية الفساد المتعلقة بالبلدية وتعاونية الحرس الثوري الإيراني. ويضف أن فريق آبرومند في تعاونية الحرس الثوري اكتشف نقصاً في أموال المؤسسة بنحو 8000 مليار تومان، عندها فقد طلب قاليباف من ذو القدر نيا التوقيع على مذكرة تفاهم بقيمة 8000 مليار تومان بغية لملمة المشكلة.

وأضاف ذو القدر نيا في الملف الصوتي: “قلت له إن هذه التصرفات تعتبر جريمة. جاء قاليباف إلى أمام مسجد بالقرب من منزلي، وقال لي: وقِّع على هذه الورقة. فقلت له: هذه جريمة، إنها تضرك وتضرني وتضر جعفري (قائد الحرس السابق)، أنا لن أوقع. عندها أجاب: فلنعقد اجتماع. ونظّم اجتماعاً في وقت لاحق”.

وتابع: “قلت لقاليباف: أنت خصصت 8000 مليار تومان لمشاريع بدلاً من إعطائها لشركة “رسا” (التابعة لشركة ياس القابضة) في حين لا تنتمي تلك المشاريع إلى ياس القابضة التابعة للمؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني على الإطلاق. وقال قاليباف حينها: لا تذكر لي هذه الأسماء. وأصيب بانهيار”.

كما كشف ذو القدر نيا في التسجيل أن قاسم سلماني قال له يوماً ما إن “قاليباف كان يشتمك”، فرد عليه: “ماذا عليا أن أفعل؟ أنا معتاد على الشتائم”.

وفي هذا التسجيل، أكد محمد علي جعفري إن قاليباف “منزعج للغاية” بسبب عدم توقيع المذكرة مع ذو القدر نيا، مضيفاً: “لو تم التوقيع على هذه المذكرة، لا أعلم ماذا كنا سنفعل”.

سليماني وخامنئي يناقشان القضية

في جزء آخر من هذا الملف الصوتي، قال قائد الحرس الثوري الإيراني السابق إن قاسم سليماني كان منزعجاً أيضاً من مواجهة “عصابة آبرومند” المتهمة بالفساد وتحدث شخصياً إلى المرشد علي خامنئي.

وتابع موجهاً حديثه إلى ذو القدر نيا: “كان (سليماني) مستاءً من مواجهتك أنت مع شركة ياس، وقال: ذهبت إلى السيد (خامنئي) أيضاً.. فقلت لقاسم سليماني لا تخبرني بهذه الأشياء، فمن أمر السيد مسعود مهردادي الذي بدد كل هذه الأموال من الخزانة بفعل هذا الأمر؟ ألا يجب أن يحاسب؟ وقلت له إن الأمور لا يجب أن تتم هكذا”.

يذكر أن شركة مجموعة ياس للتنمية الاقتصادية، المعروفة باسم “ياس القابضة” والتي رفض قاسم سليماني فتح ملفات الفساد المالي فيها، كانت الذراع الرئيسية للمؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني، والتي كانت تنشط في مجالات الخدمات والوساطة والإسكان. ولعبت هذه الشركة دور خزانة فيلق القدس، ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري الإيراني، وكانت تعد أحد مصادر تمويل الميليشيات التي شكلها فيلق القدس بقيادة سليماني في المنطقة.

الجنرال صادق ذو القدر نيا
الجنرال صادق ذو القدر نيا

وتفشى الفساد في شركة ياس القابضة إلى درجة اضطرت السلطات إلى حلها واعتقال بعض مسؤوليها التنفيذيين في عام 2017. وفي إحدى قضايا الفساد المتصلة فيها بلغ قيمة الأموال نحو 13 ألف مليار تومان.

يذكر أنه سبق وأن كشف الناشط السياسي المقيم في إيران مهدي خزعلي، خلال لقاء مع عضو مجلس بلدية طهران مرتضى الويري، عن رفعه قضية فساد تتعلق بأنشطة زوجة قاسم سليماني، إلا أنه لم يتم الإعلان عن أي قرار القضاء الإيراني بهذا الخصوص.

تعليمات خامنئي بهذا الخصوص

وكشف صادق ذو القدر نيا، في التسجيل الصوتي، أنه وفقاً لتعليمات خامنئي نفسه، فإن الهدف الرئيسي يجب أن يكون مساعدة فيلق القدس، وبناءً عليه يجب منح 90% من الموارد المالية الواردة إلى الفيلق بينما يتم تخصيص 10% منها فقط إلى الحرس الثوري.

وفي هذا الصدد، أشار إلى أربع تحويلات مالية قامت بها شركة ياس وقدرها على التوالي 100 مليار تومان، و70 مليار تومان، و132 مليار تومان و50 مليار تومان. لكنه أضاف أنه خلال التبادلات المالية للمجموعة مع فيلق القدس، ظهرت ديون بلغت 1071 مليار تومان، مضيفاً: “لذا كافة الأعمال التي قاموا بها كانت تعتبر جميعها مخالفات”.

وبحسب ذو القدر نيا، فقد قامت هذه الجماعة بتبديد أموال وممتلكات فيلق القدس، مما أدى إلى نزاع بين إسماعيل قاآني، خليفة سليماني، وجمال الدين آبرومند، مساعد شؤون التنسيق في الحرس الثوري الإيراني والشخص الأول في شركة ياس القابضة.

وفي التسجيل الصوتي، عبّر محمد علي جعفري عن فرحته قائلاً: “بدأ قاسم سليماني يعرف ما الذي حدث له في إيران.. إنه لأمر جيد جداً أن الموضوع مرتبط به.. لو تطبّقت معايير الشفافية في فيلق القدس (بخصوص ياس القابضة) سيكون جيد جداً”.

من جهته، قال ذو القدر نيا إنه عقد اجتماع بحضور سليماني وجمال الدين آبرومند وتمت الموافقة من قبلهما على مناقشة مسألة نقص مبلغ 1071 مليار تومان من أموال الشركة القابضة، لكن آبرومند حاول تعويض هذا النقص بسحب هذ المبلغ من تعاونية الحرس الثوري. وهنا رد جعفري معتبراً أن هذا الحل هو “استمرار للأعمال التخريبية السابقة”.

وفي هذه الملف الصوتي أيضاً، اتهم ذو القدر نيا رئيس مخابرات الحرس الثوري حسين طائب بدعم محمد باقر قاليباف.

يذكر أن قاليباف المتهم بالفساد على صلة قرابة بخامنئي، حيث إن زوجة المرشد هي خالة عمدة العاصمة السابق.

وفي نهاية التسجيل الصوتي المطول، طلب رئيس مكتب محمد علي جعفري (قائد الحرس الثوري آنذاك) من ذو القدر عدم تسجيل الحديث، “لأنكم لن تتمكنوا من تحدي هؤلاء” المسؤولين الكبار.

ويبدو ما قاله رئيس مكتب جعفري صحيح جداً حيث لم يستطع أحد لي ذراع محمد باقر قاليباف، وجمال الدين آبرومند، وحسين طائب، فكلهم يشغلون الآن أعلى وأهم المناصب الأمنية ويساهمون في صنع القرار في إيران.

ماذا عن مصير صادق ذو القدر؟

مصير المساعد الاقتصادي للحرس الثوري صادق ذور القدر نيا الذي عبّر عن امتعاضه في هذا الملف الصوتي المسرب عن الفساد في الحرس الثوري، يشوبه الغموض.

مجتبى خامنئي وإبن خالته محمد باقر قاليباف
مجتبى خامنئي وإبن خالته محمد باقر قاليباف

وقال مصدر مطلع لقناة “العربية” إن ذو القدر نيا كان يصر على ضرورة محاسبة قاليباف ومحاكمته، لكن واجهه مجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى وحسين طائب رئيس استخبارات الحرس الثوري، فنصبوا له “فخا” متصلا بقضية مخدرات.

وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، كان ذو القدر نيا في رحلة من طهران إلى جاكارتا عبر الدوحة مستخدماً جواز سفر دبلوماسيا، يحمل فيه اسم “ميرزا حسن ذو القدر” في 4 يوليو الماضي. واكتشفت في أمتعته 4 كيلوغرامات من الكوكايين ومخدر الـLSD.

ويبدو أنه تم إعادة ذو القدر نيا إلى طهران، بينما لم يعلق أي من مسؤولي النظام الإيراني منذ ذلك التاريخ على الحادث، وأُبعِد هذا الجنرال من الساحة العسكرية والاقتصادية والسياسية في إيران.

وقال مصدر “العربية” إن السيناريو الأقرب إلى الواقع هو أنه “تم وضع المخدرات في أمتعة ذو القدر نيا في مطار طهران دون علمه، وذلك قبل مغادرته المطار إلى الدوحة”.

وأكد مصدر “العربية” أن تهمة الاتجار بالمخدرات “ملفقة” وغير واقعية، حيث كان ذو القدر نيا في منصب اقتصادي بارز في الحرس الثوري وكان بإمكانه كسب الملايين “لو لزم الصمت وقبِل بقطعة من كعكة الفساد المالي”.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات