أيّاً تكن النتيجة التي ستنتهي إليها الحرب الوحشية على غزة، لن يبقى المشهد الداخلي في لبنان على حاله. نكتب هذا الكلام ونحن واثقون من أن قراراً بالغ الأهمية قد اتخذ، جرّاء مشاورات بين الأطراف والقيادات المسيحية، على أرفع المستويات، بأن الحال التي انحدر إليها الدور المسيحي لن تبقى على ما هي عليه بعدما تضع الحرب أوزارها، سواء انتهت المواجهة في غزة ومعها «حرب المشاغلة والإسناد» في جنوب لبنان الى انتصار لحزب الله أو عدم الربح وعدم الخسارة، فإن الأطراف المسيحية، بما فيها أعلى المقامات الروحية والزمنية باتت واقفةً على الاقتناع الآتي:
أولاً – إن أكثر ما يوجع المسيحيين هو تمادي إخوانهم في الوطن، لا سيما في الطيف السنّي، بتجاهل مسار الأمور، باستثناء أصوات قليلة لمثقفين وإعلاميين، وأصوات نادرة لسياسيين، أمّا أكثرية هذا الطيف فتتعامل مع الواقع اللبناني القائم وكأنّ الدنيا بألف خير.
ثانياً – وهذا ليس سرّاً إذ هو صدى لما تردده غير قيادة مسيحية بارزة، وهو موقف الرئيس نجيب ميقاتي، الذي استباح رئاسة الجمهورية الخاوية من الرئيس، الى حد أنه نصّب نفسه رئيساً للجمهورية من خلال تصرّفاته التي تجاوزت كلّ سقفٍ… وكأن ليس ثمة تجربة حكومية مثالية سابقة، برئاسة الرئيس تمام سلام، الذي التزم بالنص القانوني الدستوري، وهو ما قفز فوقه الرئيس ميقاتي، الذي بلغ به التعامل مع الأمر الى حدّ اجتياح صلاحيات رئيس الجمهورية اللصيقة به، وهذا ما دفع بالبطريرك بشارة الراعي الى أن يسحب الغطاء عن تلك التصرفات، كما يبدو جليّاً من عظات غبطته الى البيانات التي يصدرها في الأساببع والأيام الأخيرة، بما فيها بيانات مجلسَي البطاركة والأساقفة.
ثالثاً – ثمة عتب مسيحي كبير على الطيف الشيعي بقيادة ثنائي أمل وحزب الله بعضه قديم وبعضه الثاني مستَجَدّ. وهذا اللوم الأخير لومان، أولهما تغطية كل ما يرى المسيحيون أنه «أكل» صلاحيات رئيس الجمهورية، والثاني تعطيل الثنائي انتخابات رئيس الجمهورية وقولهم إن الرئيس نبيه بري أقفل باب الاستحقاق ووضع المفتاح في جيبه، بتوافق تام مع حزب الله، وأنه لم يكتفِ بذلك، بل لا ينفك يردّد أن الخلافات بين القيادات المسيحية هي التي تعرقل إجراء الاستحقاق، وأن مثل هذا الاتهام كان يمكن أن يكون مقبولاً في مرحلة ترشيح رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض الى الرئاسة، أما عندما توافق (لاحقاً) رؤساء أحزاب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والوطنيين الأحرار وحركة الاستقلال ذاتها، وأيضاً معظم النواب المسيحيين المستقلين الخ… أما عندما توافق هؤلاء جميعاً (أو «تقاطعوا») على موقف رئاسي واحد وواضح، فكيف يكونون المعرقلين؟!.
في أي حال، إن الطيف المسيحي لم يعد في وارد القبول بهذا التجاهل أياً تكن المعطيات، وكيفما تدور الأحداث والتطورات، وبعد حرب غزة لن يكون الوضع كما قبلها. ومَن يعِشْ يَرَ.
The post شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – المشهد الداخلي سيتغيّر appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.