“البراند” هو الصورة الذهنية المنطبعة عند الناس حول هوية معينة
خلط لدى الناس بأن “البراند” هو التصميم واللوغو
أكد المؤلف والمحاضر والمؤسس لشركة “بوكسوبیا”، جعفر حمزة، وجود الكثير من الشركات البحرينية لدعم الهويات داخل البحرين وخارجها ليس فقط على مستوى الخليج وإنما حتى على مستوى الوطن العربي.
وركزت فقرة حدیث الساعة ببرنامج “البحرین في أرقام”، والذي یبث من مقر صحیفة “البلاد”، على صناعة تغییر هویات الشركات، وما الذي یدفع الكثیر من المؤسسات على اختلاف أحجامها وتخصصاتها على تجدید هویتها بین الحین والآخر. وعن تعریف مفهوم تغییر هویة الشركة أو ما يعرف بالإنجلیزیة بـ (ري براندنغ REBRANDING )، أكد حمزة، أهمیة الاهتمام في تغییر هویة الشركات لأن الأمر الآن لن یكون مجرد موضة أكثر مما سيكون عملًا استراتیجيًّا، وقبل تعریف “الري براندنغ” یجب تعریف “البرند” أولًا، وعند الحدیث عن “البرند” هنالك خلط لدى الناس بأن “البرند” هو التصميم والشعار (اللوغو) وهذه التعریفات غير صحیحة، مشیرًا إلى وجود تعریفين اثنين لـ “البرند” ویقتبس من مارتي نیومییر مؤلف كتاب (ذا براند غاب) وأیضًا مؤسس أمازون، حيث یعرف مؤسس أمازون “البرند” بأنه “ما یتحدث عنك الناس به عندما لا تكون في الغرفة”، في حین یذكر مارتي نیومییر تعريف یعرف مؤسس أمازون “البرند” بأنه “الصورة الذهنیة المنطبعة عند الناس حول هویة معینة” وهذا التعريف الذي يميل إليه جعفر حمزة، فبالتالي عند الحدیث عن یعرف مؤسس أمازون “البرند” فهو الصورة التي تخلقها وتصنعها المؤسسة أو الجهة أو الوزارة أو حتى شركة صغيرة لدى الناس.
وأشار حمزة إلى أن من ضمن مكونات البراند أو الهوية، الحضور البصري وما یسمى بالشعار، والشعار یعتبر قمة جبل الجلید وما تحته كثیر من الأمور التي یجب على صاحب المؤسسة أو الجهة أو الوزارة أو أیًّا كانت یجب أن يدركها، لا أن یكون الحضور البصري هو الغالب العام وهو ما تقع في شَركِه إن صح التعبير في كثير من المؤسسات في العالم العربي، وهذا هو “البرند” بشكل عام.
وأوضح حمزة أسباب الاهتمام بـ”البرند” قبل الاهتمام بـ “الري براند”، نظرًا لزيادة التزاحم والتنافسية الموجودة، مبينًا أسباب الاهتمام بـ”البرند”، أولها ارتفاع ذائقة الناس بسبب الانفتاح والسوشيل ميديا، كما ارتفعت ذائقة الناس بسبب انفتاحهم ورؤيتهم الكثیر من الأسواق الأخرى.
ولفت إلى أن تغيير هوية الشركة (الري براند) لها 5 إلى 7 أسباب، أولها أن “تقول الشركة أنا هنا والقریب من العین قریب من القلب وهذا أحد أسباب عملیة التجدید البصري لكي تقول للناس إنها موجودة كشركة، ثانيًا ربما التوسع في الخدمات والمنتجات سواء كان رأسیًّا أو أفقیًّا، والمقصود بالتوسع رأسيًّا هو التوسع في الخدمات أو المنتجات، وأفقيًّا هو التوسع الجغرافي والذهاب إلى أسواق أخرى، ثالثًا ربما إدارة جدیدة تقول أنا الآن موجود فبالتالي هذه موجة جدیدة وصفحة جدیدة في ظل وجود رئيس تنفيذي أو مدیر فهذه من ضمن تبعات هذا التجديد، رابعًا ربما تكون هي عملیة إعادة صیغة صورة مختلفة عن صورة سلبیة موجودة، فبالتالي يتم عمل “الري براند، خامسًا قضیة استحواذ شركة على أخرى أو اندماج شركتين”.
وفي سؤال عن تغیر الصورة البصریة هل بالضرورة تساوي تغیر الصورة النمطية، أجاب حمزة أنه ليس بالضرورة ولكن لابد من عملیة إعادة صیاغة الصورة البصریة لابد أن تقرن بالمسألة التغير الإستراتیجي، مستدلًا على ذلك “بمثل جميل ذكره الراحل الممثل عبدالحسين عبدالرضا مع العامل غلام في مسلسل درب الزلق وهو (غيّر صورة حیوان إلى حيوان آخر) على المعلبات وقد أخذت كنكتة وطرفة ولكنها عمیقة جدًّا”، لأن المسألة لن یكون هنالك نوع من التغییر إذا تم تغیير يافطة المحل، في حین أن العامل نفسه والمعاملة نفسها ولم يتغیر شيء، وهذا ما تقع فيه الكثير من الشركات، وأصبحت “هبة” لتغيير الهویة البصریة، مؤكدًا أن تغيير الهوية البصرية لابد أن يقرن بتغییر داخلي في الثقافة المؤسسیة، وإلا كان الحال مثل الحال في مسلسل درب الزلق عند تغيير الملصقات على المعلبات، وهذه نقطة جوهرية يجب أن توضع في الحسبان.
غياب استراتيجية “البراند”
وأضاف حمزة أن الحاصل الآن هو الارتكان دائمًا على مسألة التصمیم دون مسألة الاستراتیجية، وكثیر من المؤسسات تعتمد في هذا التغيير على أمرین هما المصمم والمسوق، في حین أن هناك عنصر ثالث مغيب وهو استراتيجية “البراند” وهذا الأمر غير موجود لدينا.
وبخصوص اقتناع صاحب المؤسسة بأن هناك معاییر لتغیير الهوية أم یفرض رؤیة أو شكلًا وتصمیمًا معينًا، أوضح حمزة هذا السؤال بآخر كلمة ذكرتها هي قضیة الثلاثیة الموجودة في قضیة صناعة الهویة المقرونة بالصورة الذهنية بمعنى أنه عندما تكون شركة أو وزارة أو مؤسسة صغرت أم كبرت لابد أن يكون لديها استراتجية لتغيير الهویة البصریة ولیس لأن هناك موجة أو “ترند”، مؤكدًا أنه لدى تغيير الصورة البصریة لابد من تغيير الصورة الذهنية ولا یكون تغیر الصورة الذهنیة إلا بوجود استراتیجیة واضحة في التعامل مع الزبائن والجمهور الذي ارتفعت الآن ذائقته ومنسوب فهمه وتقییمه للشركات، وليس معقولًا أن تغير شركة شعارها مجرد تغییر سطحي دون الدخول إلى العمق وهذا ما نفتقده في كثیر من المؤسسات والجهات التي تغیر الصورة البصرية دون تغيير عملي وهذا ما نقع في إشكالیة انفصام شخصية “البراند” تتحدث بشيء وتعمل شيء آخر لذلك ابتكرنا مفهومًا جديدًا هو الباركتينغ أي دمج ما بين البراند والماركتينغ أي یتوافق ما تقوله عن نفسك أمام الناس وهو يسمى التسويق بما یقوله الناس عنك وهو “البراند”، وعندما يتوافق الاثنان معًا (التسويق والبراند) يسمى البراكتينغ، ويتم قياس هذا الأمر فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأميركية هنالك قياس رأي لحسم ماذا كان هنالك صورة ذهنية صحيحة أم لا، لافتًا إلى عدم وجود هذه الآليات لدينا.
لماذا تغيير الهوية؟
وعن أسباب تغيير الهوية، أوضح حمزة أن من الأسباب التي تجعل الشركة تغیر هويتها إما لتوسع أفقي جغرافي وإما لتوسع رأسي في المنتجات والخدمات، إما لإعطاء روح جدیدة تتماشى مع المتغیرات الموجودة مع ذائقة الجمهور، على سبيل المثال تكون شركات قوية متوسعة ومع ذلك تريد التغيير لأجل التماشي مع التغیرات الموجودة خصوصًا في السوق التنافسیة، لافتًا إلى أن التنافسیة لم تعد فقط في مجال المنتج أو الخدمة حيث ارتفع منسوب التقییم حتى إلى مستویات بسیطة جدًا بما فيها واجهة المستخدم والتطبيقات والمواقع الإلكترونية والسوشل میدیا حتى إلى أدق من ذلك.
وأشار إلى أن بعض الشركات في البحرين عندما عملت تغيير الهوية (ري براند) أصبحت هنالك الكثير من الموجة من المصممین البحرینیین وهذا يشير إلى الذائقة البصرية فالكثير من المصممين البحرينيين مؤهلون ولديهم تجربة وقدرة التقییم الفنیة وليس قدرة التقييم الجمالیة، وهنا إشكالیة أخرى تقع أن صاحب الأمر في مسألة “البراند” أو الهوية يقيسها بمقياس جمالي وهذا خطأ فادح.
وأوضح أن المعايير يجب أن تكون واضحة، من يتخذ الأمر لتغيير الهوية إما أن يكون مصممًا فقط أو مسوقًا فقط، وهنالك غياب لاستراتيجية “البراند” فبالتالي المعادلة غیر مكتملة وبالتالي یكون النتاج فیه خلل، لافتًا إلى أن بعض المؤسسات التي عملت (ري براند) في البحرين كان هنالك الكثیر من الأخطاء الفنیة الكبیرة التي تكون واضحة حتى لطالب جامعي في سنة ثانیة.
وعن سبب لجوء المؤسسات والمصارف الكبيرة إلى شركات عالمية خارجية فهل نتيجة للافتقار لقدرات وطاقات ومبدعين في البحرين لتنفيذ (ري البراند)؟، نفى حمزة ذلك لعدة أسباب أولها مخرجات التعليم مؤهلة وبشدة والدليل على ذلك وجود الكثير من الشركات البحرينية لدعم الهويات داخل البحرين وخارجها ليس فقط على مستوى الخليج وإنما حتى على مستوى الوطن العربي، ثانیًا أهل مكة أدرى بشعابها فعند تأسيس الهوية لابد من فهم الثقافة المحلية لتربط الهوية البصرية بالإستراتيجية وبمن يعمل عليها، ثالثًا الكثير من الهفوات الموجودة في التصاميم إما لأن من عمل على الهوية البصریة لا یفقه في الثقافة المحلیة وهذا ينعكس حتى على أخطاء فنية في الهوية البصرية، والنقطة الرابعة والأخيرة يجب أن ندرك أن التصمیم لیس مجرد مهنة من لا مهنة له أبدًا وبحسب تقرير جميل أصدرته إحدى مؤسسات الشيخ راشد آل مكتوم تتحدث عن مستقبل التصمیم في الشرق الأوسط وشمال إفریقیا إلى العام 2030، ويذكر كمیة الطلب الموجود من خلال مساحة التصمیم ودور الجامعات ودور المؤسسات فلابد للمؤسسات هنا أن تدرك حجم الطاقة الموجودة المحلیة والأدوات متوافرة، مشيرًا إلى أنه علينا فقط أن ندرك أولًا أن هذه الطاقة موجودة، ثانيًا نثق فیهم، وثالثًا نوظف هذه الطاقات بما یتناسب مع صاحب المؤسسة أو الوزارة أو أي جهة، وآخر نقطة وهي مهمة جدًّا أن عملیة سلسلة التورید جميعها متواصلة مع بعضها البعض، الخريج يذهب ثم يؤسس المؤسسة والمخرجات تعطيها المؤسسة الخاصة بالهوية وهكذا تدور الدائرة بما ينفع البلد والجمهور المستهدف.