51 % من البالغين عالميًا يعانون من قلة النوم
64 % تأثير العامل البشري على النمو الاقتصادي
حرمان النوم مسـؤول عـــن 40 % من حوادث السيارات
قدر الرئيس التنفيذي لشركة استشارات جفكون لتحسين الإنتاجية، أكبر جعفري، الخسائر العالمية سنويًا؛ بسبب حرمان النوم بـ 1.2 تريليون دولار، وسترتفع في العام 2030 لتصل إلى 1.7 تريليون دولار والذي يعادل 10 % من الاقتصاد الأميركي.
وركزت فقرة حديث الساعة ببرنامج البحرين في أرقام، والذي يبث مباشرة من مقر صحيفة “البلاد”، على اقتصاد النوم خصوصًا، إذ أوضح جعفري أن قلة النوم يكون لها كلفة اقتصادية وإرباك للإنتاجية.
وعن تعريف اقتصاد النوم، أوضح جعفري أنه “مصطلح غير مألوف، وقد ركزنا على الموضوع لملاحظتنا أن هنالك تدهورا في نوعية النوم للجميع، ناهيك عن العاملين في الاقتصاد، وبالتالي تتأثر مساهمتهم بتأثر النوم سلبًا، مشيرًا إلى أنه لتأكيد علاقة النوم بالاقتصاد يجب أولا تعريف ما هو الاقتصاد، إذ إن الاقتصاد بوتقة تنصب فيها عوامل كثيرة مثل التعليم والإسكان والصحة وما إلى ذلك ومنها المال، ويتم قياس حجم الاقتصاد بالعنصر المالي، فمثلا الناتج المحلي الإجمالي العالمي الآن 94 تريليون دولار، وفي البحرين الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021 بلغ 37 مليار دولار، ونعمل سنويًا على زيادة حجمه؛ من أجل استمرار النمو الاقتصادي.
وذكر جعفري أن النمو الاقتصادي حاليًا متدنٍ في كل أنحاء العالم عمومًا، إلا أن نسبة نمو الاقتصادي تتراوح ما بين 3 إلى 7 %، ووصلت في الصين 11 %.
وأشار إلى وجود 3 عوامل تؤثر على النمو الاقتصادي، وهي: عامل المال، عامل البنية التحتية الفنية، والعامل البشري، إذ إن العنصر البشري (العمالة) يلعب دورًا محوريًا ومحكمًا في زيادة النمو الاقتصادي، ويشكل تأثيره ثلثي التأثير وتحديدًا 64 % من الموارد البشرية، و20 % تأثير البنية التحتية، و16 % تأثير المال، مشيرًا إلى أنه لزيادة النمو الاقتصادي من الضروري زيادة أداء العنصر البشري.
وبيَّن جعفري أن هنالك علاقة طردية مباشرة وقوية بين إنتاجية العنصر البشري والحالة الصحية له، كعامل رئيس، لافتًا إلى أن نحو 51 % من البالغين عالميًا يعانون قلة النوم، وبالتالي يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد في حال معاناتهم من قلة النوم أو اضطراب النوم.
وأكد أن الاقتصادات تسعى دائمًا للارتقاء بمساهمة العاملين لما هو أعلى من المعدل الأساسي. وقد عرفت منظمة العمل الدولية المعدل الأساسي بأنه هو معدّل الإنتاج الذي ينجزه العاملون المؤهلون من دون إجهاد كمعدل ليوم عمل أو وردية بشرط أن يكونوا ملمين وملتزمين بأساليب عمل معينة وبشرط أن يكونوا محفزين؛ لكي ينكبُّوا على عملهم.
وأشار إلى أن المعدل الأساسي مكشوف ومهدد وبشكل كبير للعوامل الصحية، وهي: الإجهاد، الالتزام، التحفيز، المثابرة (الاجتهاد). قياس الإنتاجية، استعمال العلاوات الثابتة والمتغيرة هو لاستعادة الطاقة، إذ إن هنالك 12 علاوة ثابتة و41 علاوة متغيرة.
ولفت إلى أن علاوة قلة النوم لم تدرج ضمن عملية قياس الإنتاجية وصيانة الصحة، وليس هنالك دراسة منسقة لموضوع قلة أو الحرمان من النوم في البحرين، قلة أو الحرمان من النوم موضوع لم يتم الكشف عنه وفي أغلب الأحيان يتم تداوله كأمر جانبي هامشي وغامض.
إيقاع الساعة البيولوجية مهدد بالاضطرابات
وذكر جعفري أن إيقاع الساعة البيولوجية مهدد بالاضطرابات بشكل متصاعد ومطرد، والكثير من الدول تواجه تفاقمًا مطردًا في مشكلة حرمان النوم في السنوات العشر المقبلة (2030) وتصاعدًا في الخسائر الاقتصادية نتيجة لذلك، ومملكة البحرين تحذو نفس المسار، ولكن بشدة منخفضة، عازيًا السبب في ذلك إلى أن نمط الحياة آخذ نحو الحياة 24 ساعة في أيام الأسبوع (24 / 7) في الكثير من جوانب المعيشة ولم يكن محصورًا كما في السابق في العمل بنظام النوبات، مؤكدًا قلقه من قلة النوم؛ لأن له تأثيرا طرديا ومباشرا وقويا، متوقعًا أن يتدهور الوضع أكثر خلال الخمسين عامًا المقبلة قبل أن يبدأ بالتحسن.
ولفت جعفري إلى أن الشركة تعمل على رصد المؤشرات منذ 15 عامًا، وتشمل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن قلة النوم، وهي كالآتي: حرمان النوم مسؤول عن 40 % من حوادث السيارات، مرضى حرمان النوم معرضون 10 مرات أكثر للإعاقة في العمل، حرمان النوم يضعف (يقلّل) من فهم (تقييم) مشاعر الإنسان (الضعف الإدراكي).
وأشار إلى أن الإنتاجية تعني عمل أكثر ما يمكن بأقل ما يمكن، وأقل قدر من الجهد والوقت البشري، ومرضى الحرمان يستهلكون أوقاتًا أطول في جميع الأحوال، والأضرار على الإنتاج على الدوام وبتصاعد كبير نسبيًا، لافتًا إلى أن طاقات الموارد البشرية التي تشكل 64 % من التأثير على النمو الاقتصادي تتأثر طاقاتهم بقلة النوم، وبالتالي تكون مساهماتهم في الإنتاج سلبية.
وقدر جعفري الخسائر العالمية سنويًا بسبب حرمان النوم بـ 1.2 تريليون دولار، وسترتفع في العام 2030 لتصل إلى 1.7 تريليون دولار، وهذا الرقم يعادل 10 % من الاقتصاد الأميركي الذي يقدر بنحو 20 تريليون دولار، مؤكدًا أن 1.7 تريليون دولار يعد رقما كبيرا جدًا لعامل واحد، ناهيك عن وجود عوامل متعددة في مواقع أخرى.
ضرورة وجود دراسة مستفيضة لحرمان النوم
وعن وجود دراسات أو إحصاءات عن الخسائر الاقتصادية من ظاهرة قلة النوم أو الحرمان من النوم، أوضح جعفري أنه تم إجراء دراسة في أحد المصانع في مملكة البحرين، وتم رصد أن قلة النوم تؤدي إلى زيادة حجم الأخطاء في العمل، وتعطل خط الإنتاج، وسوء التفاهم بين العاملين، إلا أنه لفت لضرورة وجود دراسة مستفيضة لظاهرة حرمان النوم، مشيرًا إلى أن جمعية الأطباء البحرينية نظمت مؤتمرًا وألقيت خلاله محاضرة عن هذا الموضوع، وهنالك حاليًا توجه “ولدي مقترحات للجهات الرسمية للانتباه لعنصر قلة النوم المضر للاقتصاد والمجتمع”.
واستعرض أبرز المقترحات لعنصر قلة النوم المضر بالاقتصاد والمجتمع، وأبرزها في الجانب المالي، أنه في أي استثمار يجب أن تكون العناصر متكاملة الصحة والتعليم والاجتماع والاستقرار، “مع الأسف، الكثير من الدراسات العنصر المالي هو المهيمن رغم أنه تأثيره 16 %”، داعيًا لزيادة الاهتمام بالعنصر البشري؛ لأنه تأثيره على الاقتصاد يمثل 64 % لذلك يجب أن يكون خبراء علم الاجتماع ضمن إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية وعدم ترك الأمر للاقتصاديين فقط.
ودعا لتشكيل لجنة عمل لدراسة قلة النوم وحرمان النوم وتأثيرها على الاقتصاد، وهذه اللجنة يجب أن تكون مكونة من الجهات المعنية ككل وليس فقط المصرفيين أو الاقتصاديين، متوقعًا أن هذا الأمر سيساهم في الحد من المشكلة. واقترح جعفري تخصيص مكان لإعادة الحيوية للموظفين، بحيث تحول غرفة لمكان مخصص للنوم، كما اقترح الالتزام بالإرشادات الصحية وعدم تناول الطعام بعد الساعة 7 مساء لما له من تأثير على جودة النوم.