14 January, 2025
الدولار الاميركي مهدد خارج لبنان
Spread the love

بقلم مروان اسكندر

بعد بضعة ايام وانتهاء شهر ايلول 2023 وابتداء شهر تشرين الاول قد تواجه الولايات المتحدة ازمة حقيقية تتمثل بالابتعاد عن الدولار الاميركي لتامين احتياطي غالبية البلدان المتاجرة عمليًا، ولا بد من تعداد اهمية الدول المتاجرة عالميًا، نجد ان الصين البلد الاكبر على صعيد حجم التصدير وتلحق بها المانيا ومن ثم الولايات المتحدة.

البالغين من خريجي الجامعات في مختلف بقاع العالم يدركون ان الدولار اصبح العملة العالمية للاستيراد والتصدير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتامين الولايات المتحدة اكلاف اعادة تجهيز المانيا، وفرنسا، وايطاليا واليابان حيث القصف النووي الغى تقريبا مدينة هيروشيما ومدينة ناغازاكي نتيجة القصف الجوي بقنابل نووية.

سيطرة الدولار على تمويل اعادة بناء دول صناعية تحققت لان بلدان الانتاج كانت عاجزة عن تامين ايًا من عملاتها للقيام بهذا الدور، ويضاف الى ذلك ان قيمة الدولار بالذهب، المادة الاساسية لتامين الثقة، كانت محددة اميركيًا بتامين الذهب للبلدان المتمتعة بفوائض على اساس توافر فوائض لبلدان صناعية او نامية بالدولار وتوجه المسؤولين في هذه البلدان نحو اعتماد استبدال العملة الاميركية المعروضة بالذهب على اساس قيمة كل اونصة 35 دولارًا وقد بقي هذا النظام قائمًا حتى صيف 1971 حينما الغاه الرئيس الاميركي نيكسون.

قيمة الدولار تعرضت لاختبارات عديدة، كان من اهمها اكلاف اعادة تجهيز اليابان والمانيا وايطاليا، علمًا بان البلدان الاوروبية كانت قد اسست اوائل الخمسينات مؤسسة مشتركة لتامين انتاج الصلب والفحم الحجري وكان مركز هذه المؤسسة بلجيكا ولا زال.

التحدي الاكبر للدولار تمثل في انشاء السوق الاوروبية اواسط الستينات بعضوية ست اعضاء فقط خاصة وان الرئيس الفرنسي ديغول شاء ابعاد بريطانيا عن تأسيس السوق الاوروبي وقد تعدلت اسعار صرف الدولار مع انتعاش بعض الدول الاوروبية واستعادة اليابان على القدرة على المنافسة بل حتى على قيادة عمليات انتاج اجهزة التلفزيون والكمبيوترات الصغيرة القابلة لتخصيصها ببعض كبار الموظفين في الشركات الكبيرة. والولايات المتحدة واجهت ضغطًا على سعر صرف الدولار اواسط الثمانينات مع توسع دور السوق الاوروبية التي اصبحت تضم آنذاك اكثر من 15-16 دولة، وفي ذلك التاريخ وكان يسمى بفترة رئاسة رونالد ريغن، ممثل ادوار البطولة في افلام رعاة البقر، حينما اكلاف حرب فيتنام، ومنافسة اليابان فرضت على الولايات المتحدة رفع معدلات

الفائدة على الودائع بالدولار الى مستوى 18% لفترة تعدل فيها حساب ميزان المدفوعات للدول الصناعية وللتذكير نشير ان لبنان اتبع هكذا سياسة للمحافظة على تدفق الدولار من الاثرياء اللبنانيين والعرب لمدة سنتين وتحصل من جهد اللبنانيين استقرار في سعر الصرف الليرة وزيادة مستمرة في حجم الودائع بالدولار.

لقد تمثل التحدي الاكبر للدولار اعتماد بلدان السوق الاوروبي على عملة واحدة هي اليورو وقد استوجب ادخال اليورو كعملة لبلدان السوق حوالى السنة انقضت عام 1998 حينما اعلن عن توافر اليورو كعملة سواء للاحتياطي او تمويل التجارة وتزامن الامر مع اعتلاء المانيا المركز الاول دوليًا في حجم الصادرات وقد استمر هذا الوضع حتى تاريخ يعود الى ثلاث سنوات ارتفع فيها حجم الصادرات الصينية الى المرتبة الاولى واصبح هنالك عملتين تنافسان الدولار – اي اليورو والعملة الصينية. والصين اعتمدت سياسة لتوسيع الاعتماد على عملتها في التجارة الدولية فأقرت برامج لاعتبار سعر عملتها انسب من محاولات اكتساب الدولار.

اعتماد اليورو مع توسع عدد الدول الاوروبية المنتسبة الى الاتحاد الاوروبي والعملة الصينية لتسديد مشتريات متنوعة من الصين خاصة في منطقة الشرق الاوسط، وتوسع دور البنوك الصينية عالميًا امور اسهمت في تعديل النظام المالي الدولي تدريجيًا، وبعض كبار الدول المتاجرة سابقًا مثل بريطانيا انحسر كما الاهتمام بالإسترليني.

اليوم بتاريخ 26/9/2023 الدولار مهدد بالانزلاق الى وضع الليرة، اي بدون اي مبالغة، المحافظة على سعر صرف الدولار عالميًا، والذي يشكل نسبة 65% من احتياطات الدول المتاجرة، يعلق على قرارات اقرار ميزانية عام 2024 التي يفترض ان تتحقق بتصويت الكونغرس، ومجلس الشيوخ على ارقامها قبل 1/10/2023 وان لم يتوافر التصويت المناسب قد تصبح الولايات المتحدة بلد مارق كما هو لبنان منذ قرار حكومة حسان دياب عدم دفع قسط فوائد اليوروبوندز في آذار 2020.

التصويت على ارقام ميزانية 2024 معلق على اعتبارات سياسية يمكن اختصارها بالقول ان هنالك مسعى جدي لتصوير عهد الرئيس بايدن وكانه عهد سيئ وغير مقتدر على تحقيق الازدهار في الولايات المتحدة والاستقرار على صعيد العملة الاميركية دوليًا.

هنالك انتقادات كثيرة توجهت الى الرئيس الاميركي بالنسبة لتامين المعونات الى حكومة اوكرانيا، ورئيسها الذي يستمر في لعب دور هزلي كما كان يفعل تلفزيونيًا منذ بضعة اشهر، والرئيس الاميركي يطالب دول الاتحاد الاوروبي بتامين تمويل مستمر لتقوية قدرات الحكم في اوكرانيا، وقد اصبح هنالك تأزم لدى العديد من البلدان الاوروبية، حتى التي منها خارج اتفاقيات الوحدة الاقتصادية، ومن هذه الدول بريطانيا التي هي خارج دول السوق، وبولونيا التي هي من اكبر دول السوق، والحزب الالماني اليميني يطالب بضبط المعونة واختصارها.

تواجه دول السوق الاوروبية تحديًا لانقاذ الاقتصاد الايطالي وتحديًا عامًا للقدرة على اعتماد ميزانيات تؤمن مستويات العمالة دون ان تؤدي الى توسيع مستويات العجز، وها هي رئيسة السوق الاوروبية تصرح ان عودة اقتصاديات السوق الى مستويات مقبولة لن تتحقق قبل عام 2025، وفي الوقت ذاته هنالك مباحثات لضم ست دول صغيرة نسبيًا الى السوق الاوروبية وليس بينها اي دولة تتمتع بوضع مالي جيد، وضم هذه الاسواق سيلزم الدول الرئيسية بضبط ميزانياتها وتخفيض توقعاتها، وكلال الامرين مرفوض على الصعيد الشعبي، وبالتالي حث الرئيس الاميركي على تامين دعم اكبر لاوكرانيا، قد يؤدي على الارجح الى عجزه عن اعادة انتخابه رئيسًا خاصة مع الاتهامات اللاحقة بابنه بالنسبة للضرائب وامتلاك الاسلحة.

 

The post الدولار الاميركي مهدد خارج لبنان appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات