المغرب في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024: نافذة على التراث وتواصل بين الحضارات
Spread the love

يشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، في دورته الـ43، تكريمًا مميزًا للمملكة المغربية كضيف شرف، وهو اختيار يبرز عمق الروابط الثقافية بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة. ليس هذا الحدث مجرد احتفاء بموروث ثقافي غني، بل هو تأكيد على دور المغرب المحوري كجسر للتواصل الحضاري وقاطرة للإبداع المستقبلي.

جناح المغرب: عبق التاريخ برؤية معاصرة

وسط أروقة معرض الشارقة، يبرز جناح المغرب كتحفة تجمع بين عبق التراث وروح الحداثة. بتصميم مستوحى من الهندسة المغربية العريقة وبمشاركة أكثر من 25 دار نشر مغربية، تم عرض أكثر من 4000 عنوان تغطي مختلف المجالات: من الأدب والفلسفة إلى التكنولوجيا والدراسات الإسلامية. كما خصصت مساحة مميزة لكتب الأطفال، التي حملت رسائل تربوية تُعلي من قيم التسامح والتعايش.

صرحت إحدى الزائرات الإماراتيات عن تجربتها قائلة: “شعرت وكأنني أعيش أجواء الأسواق المغربية التقليدية وأنا أتجول بين الأركان، وكأن روائح التاريخ تمتزج مع الحاضر.”.

إحياء التراث: المخطوطات النادرة والتكنولوجيا

لم يكن جناح المغرب مجرد منصة للكتب، بل نافذة حية على تراث يمتد لقرون. عرضت مخطوطات نادرة، منها نسخة من القرآن الكريم تعود للقرن الثالث الهجري، وأعمال لابن خلدون، التي تعكس عبقرية المغرب الفكرية. كما أدخلت تقنية الواقع الافتراضي بُعدًا جديدًا، حيث أخذت الزوار في رحلة افتراضية داخل جامعة القرويين بفاس، أقدم جامعة في العالم، التي تأسست عام 859 ميلادي على يد السيدة فاطمة الفهرية.

تمثل هذه الجامعة رمزًا للريادة العلمية والثقافية في العالم الإسلامي، وشاهدة على مكانة المرأة المغربية ودورها في دعم الحضارة الإنسانية.

وفي جناح “بيت الحكمة”، استمتع الزوار بجولة افتراضية مبهرة استعرضت جماليات التصميم الداخلي والخارجي لجامعة القرويين باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد، مما أعاد إحياء ماضٍ عريق في قالب معاصر.

الشيخ القاسمي: رمز الوفاء للتراث والنهضة الثقافية

أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال افتتاح المعرض أهمية تكثيف الجهود لنقل هذا الإرث للأجيال القادمة، مشيراً إلى أن المغرب استطاع عبر التاريخ الحفاظ على تراثه الأندلسي كجزءٍ من الهوية الوطنية التي أصبحت اليوم إرثاً لكل الأمة الإسلامية.

وأضاف قائلاً: “إن ما يعزز العلاقات الثقافية بين الشعوب هو إيماننا بأن التراث يمكن أن يكون جسرًا للتواصل والانفتاح.”

يشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب على الرؤية الثقافية الرائدة للشيخ القاسمي، الذي عمل لعقود على دعم المبادرات الثقافية العالمية، مؤمنًا بأن الكتب والمعرفة هي الوسيلة المثلى لبناء جسور التفاهم بين الشعوب.

التنوع الثقافي: مذاقات وألحان من المغرب

لم يقتصر الجناح المغربي على الكتب والمخطوطات فقط، بل كان احتفالاً شاملاً بالحياة المغربية. أضفت العروض الموسيقية والفلكلورية أجواء أصيلة أبهرت الزوار، كما حملت رائحة الطاجين والكسكس، وكؤوس الشاي المنعنع دفء الضيافة المغربية إلى قلوب الحاضرين.

ولم تغب الحلويات المغربية التقليدية، مثل “كعب الغزال” و”الغريبة”، التي كانت بمثابة سفيرة للذوق المغربي الأصيل.

رسالة إلى المستقبل: دور المغرب في إثراء الثقافة العربية

في خضم الفعاليات، أعلن الشيخ القاسمي عن إنجاز “المعجم التاريخي للغة العربية” في 127 مجلدًا، مشيدًا بالدور المحوري للمغرب في إثراء الثقافة العربية.

من جهته، صرح وزير الثقافة المغربي قائلاً: “هذه المشاركة ليست فقط استعراضًا للتراث، بل هي دعوة لبناء جسور جديدة للحوار الثقافي العالمي”.

مغاربة العالم: صوت الوطن بالخارج

وبينما يعيش العديد من المغاربة في الخارج، يشكل هذا الحدث فرصة لإبراز اعتزازهم بتراث بلدهم الأم. من خلال الفعاليات الثقافية، يتجدد ارتباطهم بجذورهم، ليبقى المغرب حاضرًا في قلوبهم وجسرًا ثقافيًا ممتدًا بين الأوطان.

المغرب… جسر بين الحضارات

مشاركة المغرب كضيف شرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب ليست مجرد حدث ثقافي، بل رسالة ملهمة تحمل معاني الوحدة والتواصل بين الشعوب. عبر التراث، الأدب، والفن، يستمر المغرب في تأدية دوره كجسر يصل الماضي بالحاضر، ليبني مستقبلًا مشتركًا أكثر إشراقًا.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات