لا شك أن دخول عدد من النواب قبل يومين إلى البرلمان العراقي في أولى جلساته مرتدين الأكفان البيضاء، أو عبر التوك توك، شكل مادة دسمة للتعليقات في الشارع العراقي.
وإن كان هذا التصرف “راق” للبعض فيما انتقده البعض الآخر، إلا أن الأنظار اتجهت خلال اليومين الماضيين إلى مكان آخر.
فقد كانت لافتة جدا موجة الاستقالات التي بدأت تلوح في أفق الصرح النيابي.
إذ أعلن عدد من محافظي المدن العراقية استقالتهم من عضوية مجلس النواب العراقي، مفضلين التمسك بمنصبهم السابق، على رأسهم البصرة (أسعد العيداني) والأنبار (علي الدليمي)، فيما يتوقع توجه محافظي كركوك وصلاح الدين إلى الاستقالة أيضاً.
إلا أن العديد من العراقيين رأوا في تلك الخطوة بابا من أبواب الفساد، معتبرين أن منصب المحافظ يدر أموالا وصفقات أكثر على شاغريه.
لا مانع دستورياً
في حين اعتبر الخبير القانوني طارق حرب أن الدستور والقانون لا يمنعان ذلك.
كما أوضح في تصريحات للعربية.نت أن أي مرشح فائز لا يؤدي اليمين القانونية خلال شهر من تاريخ مصادقة المحكمة العليا على النتائج الانتخابية، يسقط حقه في النيابة سواء كان ذلك بسبب الوفاة أو المرض أو أي سبب آخر.
أما عن مصير مقعده، فأشار إلى أنه يذهب إلى أعلى الخاسرين في الدائرة الانتخابية ذاتها، وليس إلى كتلته الحزبية والنيابية بموجب القانون الانتخابي الجديد.
بدوره، أوضح أستاذ القانون في جامعة جيهان مهند الجنابي للعربية.نت أن قانون الانتخابات لم يمنع استقالة المحافظين من عضوية مجلس النواب، بل أشار إلى أن الفراغ يملأ عبر أعلى الخاسرين ضمن نفس الدائرة.
وقد سمح هذا البند القانوني لبعض القوى الاستفادة منه، لاسيما إن كان أعلى الخاسرين من نفس الكتلة السياسية.
أما إن كان أعلى الخاسرين من حزب آخر، فهنا قد توظف المسألة سياسيا.
صفقة تحت الطاولة؟!
وفي نفس السياق، أكد الخبير القانوني علي التميمي للعربية.نت أن مثل تلك الحالات حصلت سابقا وقد تم استبدال النائب المستقيل بأول أو أعلى الخاسرين من نفس الدائرة الانتخابية، حسب تفسير المحكمة الاتحادية لنص المادة 46 من قانون الانتخابات (الذي يليه من دائرته الانتخابية).
إلا أنه أشار إلى أن المحافظين هم في فترة تصريف الأعمال حاليا، وغير ضامنين لبقائهم في مناصبهم السابقة، إلا إذا عقدت اتفاقات سرية أو أعطيت لهم وعود تحت الطاولة مقابل ترك مقاعدهم النيابية لآخرين.
يذكر أن النواب كانوا اجتمعوا يوم الأحد الماضي، وانتخبوا محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان لولاية ثانية على التوالي، إلا أن الجلسة لم تخل من مشادات وخلافات على خلفية “صاحب الكتلة الأكبر”.
ففيما تقدمت الكتلة الصدرية التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى رئيس البرلمان بصفتها الأكبر، اعترض نواب الإطار التنسيقي (الذي يضم تحالف الفتح وحزب الدعوة وغيرهما من المجموعات السياسية الشيعية) وانسحب نوابه.