
كتبت ريتا مشعون:
في بلاد ترتيبها من بين الأسوأ عالميا لناحية استشراء الفساد قد تكون خطوة زيادة الدولار الجمركي دافعا للتهريب وللتهرب الضريبي اذ إن أي خطوة ما لم تترافق مع الاصلاح وخطة واضحة لن تحقق أهدافها .
في كل الأحوال سواء أقرّ الدولار الجمركي اليوم أو لاحقا على المبلغ المذكور حديثا 20,000 ألف ليرة في ظل بعض الغموض في السلع المستهدفة أو المعفاة فضلا عن عدم توافر آلية ضبط أداء بعض التجار وتفلت الأسعارفهو لن يفي بالغرض الذي لأجله يتم اقراره الا وهو وفق ما اعلن وزير الاقتصاد امين سلام تأمين التمويل للقطاع العام فان نتائجه كارثية نظرا الى التضخم المخيف الذي سيتسبب به بالاضافة الى ارتفاع السلع كلها.
هل يمكن القول ان هذا القرار الذي اقتربت منه حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي سيتم احباطه مرة أخرى لاعتبارات سياسية لكن أيضا تقنية؟
يعتبر نائب رئيس جمعية تجار بيروت جهاد التنير في حديث لجريدة «الشرق» أن قرار رفع الدولار الأميركي الى 20,000 ألف ليرة ما بعد منصة صيرفة التي تمثل قيمة ومعدل سعر الدولار المشتري خارج خطة اقتصادية شاملة وبدء مرحلة نمو اقتصادي حقيقي سوف يكون له مضاعفات سلبية على الاقتصاد اللبناني وحياة المواطن، اذ لا يمكن اقتراح حلول جزئية ووقتية ارتجالية «وبالمفرق» من دون دراسة نتائجها من جميع الجوانب.
ويلفت التنير الى وجود مشكلة حقيقية في تعدد سعر الصرف، فهناك حاليا أكثر من خمس أسعار منها سعر الصرف الرسمي وسعر منصة صيرفة مطابقة أحيانا لما يتم التداول به في السوق الموازية وقريبا سيكون هناك سعر للدولار الجمركي وجميعها «معالجات موضعية».
وحذّر من أن الاقتصاد الوطني لا يتحمل أي اعباء اضافية سيفرضها دولار جمركي يحتسب على أساس 20,000 ألف ليرة أو على أساس منصة صيرفة، مشددا على ضرورة الأخذ باقتراح جمعيات التجار والهيئات الاقتصادية القاضي برفع الدولار الجمركي باعتماد سعر دولار بـ8000 آلاف ليرة ليتطابق مع سعر الصرف المحدد لدى المصارف حاليا بـ8000 الآف ليرة لايجاد نوع من التوازن بين سعر صرف الدولار المصرفي وسعر صرف الدولار الجمركي.
وقال: سيتمثل الانعكاس المباشر لزيادة الدولار الجمركي الى 20,000 ألف ليرة بشمول الزيادة كافة القطاعات من دون استثناء في زمن الانكماش، بمجرد دخول القرار حيّز التنفيذ سنكون أمام انخفاض للاستيراد وتراجع الاستهلاك وتدهور اضافي في القدرة الشرائية للمواطنين التي لم تعد تؤمن لهم حاجاتهم تحديدا لموظفي القطاع العام حيث لا زالت معاشاتهم تدفع بالليرة اللبنانية على أساس السعر الرسمي 1500 ليرة للدولار الواحد، ومع رفع الدولار الجمركي ستنخفض قدرته أكثر، بالاضافة الى أننا سنشهد حالة من الركود الاقتصادي بسبب ارتفاع أسعار السلع التي يحتاجها المواطن في كل تفاصيل حياته تماشيا مع زيادة الدولار الجمركي .
وأشار الى أن الزيادة على الأسعار قد تفوق 16 الى 20% وأعطى مثالاً: أي سلعة ثمنها 1000 دولار كان يدفع التاجر رسما جمركيا عليها بقيمة 10% أي 150 ألف ليرة لكن بعد قرار رفع الدولار الجمركي سيصبح قيمة الرسم الجمركي عليها حوالى 3 ملايين ليرة مؤكدا ان 90% من السلع التي يحتاجها المواطن أي المستهلك الأخير سوف ترتفع وسنبقى ضمن حلقة مفرغة لا تنتهي من ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الصرف مضيفا: لا يمكن اختصار العيش الكريم بأساسيات الغذاء، فالكثير من السلع المفروضة عليها التعرفة الجديدة بصفتها كمالية هي أساسية لا يمكن الاستغناء عنها حتى بالنسبة للمواطن الفقير كالسيارة مثلاً التي هي ضرورية بغياب النقل العام.
التنير رأى أن هذه الزيادة سترهق الاقتصاد وتقلل من مستوى عيش اللبنانيين من دون أن تحقق المبتغى منها قائلاً: لن يتمكن الجمرك اليوم من تحقيق هدفه المبني على اعتقاد أن بامكانه تحصيل مبالغ ضخمة ذلك لأن الاستيراد سيتراجع خصوصا أنه لا يستند الى معايير علمية ولا يكرّس العدالة الاجتماعية طالما سعر الجباية 20,000 ليرة وسعر سحب الودائع المصرفية على سبيل المثال 8000 ليرة.
لدى سؤال نائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان زياد بكداش عن رأيه من رفع الدولار الجمركي أكد أن ملف الدولار الجمركي ليس واضحا بعد كيف سيتم السير به في ظلّ وجهات النظر المتباينة حول الرقم المعتمد وان الموقف الرسمي لجمعية الصناعيين والهيئات الاقتصادية بملف الدولار الجمركي سأتركه للزيارة التي سنقوم بها قبل ظهر اليوم الاثنين الى السراي الحكومي للقاء الرئيس نجيب ميقاتي وفي جعبتنا برنامج بالملاحظات والأرقام حول رفع سعر الدولار الجمركي.
ولكن يقول بكداش، اذا كان لا بدّ من زيادة قيمة الدولار الجمركي من المنطق أن تترافق مع خطة مالية متكاملة ورؤية اقتصادية هنا يأخذ على الحكومة عجزها حتى الآن عن اتخاذ اجراءات تحسن الوضع المالي لموظفي القطاع العام وتحسن المداخيل المتأتية من خلال الضرائب التي تجبيها الدولة فهي تفتش عن سبل لزيادة ايراداتها عبر زيادة الدولار الجمركي.
كل ما يعنينا كجمعية الصناعيين في لبنان حماية الانتاج المحلي ودعمه عبر رفع الرسوم الجمركية على المستوردات التي يتوافر لها بديل في لبنان، مطالبا بضرورة اعفاء كل المواد الأولية الصناعية من الرسوم الجمركية لا سيما ان هناك 20% من هذه المواد لا تزال تخضع لرسوم جمركية تراوح ما بين 5 الى 10%. لافتا الى ان أي تعديل للدولار الجمركي يتطلب في المقابل اعفاء المواد الأولية اللازمة للصناعة من الرسوم الجمركية خصوصا ان الحرب الروسية-الأوكرانية قد أرخت بثقلها على أسعار المواد الأولية التي ارتفعت أسعارها العالمية الى اعلى المستويات .
وعليه فاننا على موقفنا المتحفظ بخاصة على المبلغ 20,000 ألف ليرة ويكشف انه في الأيام الماضية ومع استمرار البحث في موضوع الدولار الجمركي حذرت الهيئات الاقتصادية ومنها جمعية الصناعيين خلال لقائها الرئيس نجيب ميقاتي من تداعيات زيادة الدولار الجمركي وأكدنا على ضرورة تقريب وجهات النظر لناحية اعتماد 12000 ألف ليرة، وفي كل الأحوال يمكن لأسعار السلع ان تتضاعف التي ستزيد من الضغط على القيمة الشرائية للأجور والرواتب ويوافق التنير بأن هناك كماليات باتت تصنف أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها وسيشملها الرفع بالتالي تمس جيب المواطن الفقير كقطاع السيارات خصوصا في ظل غياب البدائل على سبيل المثال ان قطاع السيارات سيتأثر كثيرا بالقرار الذي يشمل ربطا بقطع الغيار وهي كلها مستوردة، في بلاد لا يوجد فيها نقل عام وان رفع القيمة الجمركية على السيارات الخصوصية التقليدية سيضرّ بالقطاع وبالمواطن اللبناني. وأردف قائلاً: هذه الزيادة كان من المفترض أن تتخذها الحكومة ضمن سياق اصلاحي ولا تكون خطوة عشوائية تنتج مشاكل اضافية تضيف مشكلة جديدة الى المشاكل التي يعاني منها البلد لافتا الى أن المطلوب من الدولة أن تحمينا من الاقتصاد غير الشرعي والتهريب الذي يمثل أصل المشكلة منذ 20 سنة.
في هذا السياق، يقول لن يؤدي هذا القرار الى زيادة واردات الخزينة بما ان الهدف الأساسي من رفع الدولار الجمركي هو زيادة الواردات وذلك لأسباب أبرزها: زيادة التهريب الجمركي خصوصا لأن حدود لبنان مشرّعة دون أي رقابة وضوابط.
من المعروف يتابع بكداش أن عبء الدولار الجمركي يقع على عاتق المستهلك النهائي والزيادة ستضاف الى أعباء الكهرباء والمحروقات وتأرجح سعر صرف الدولار الأميركي ووضع أمني دقيق على خلفية ملف الترسيم البحري ووضع سياسي يضع لبنان بين تشكيل حكومة جديدة او الذهاب الى الفراغ الرئاسي.
ويختم بكداش: من المؤسف جدا استمرار الارتجال الذي طبع أداء السلطة في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية لأنه من الصعب الاستمرار في اتخاذ اجراءات مجتزئة.
The post بكداش: أي تعديل للدولار الجمركي يتطلّب بالمقابل إعفاء للمواد الأولية للصناعة والتنير لـ «الشرق» بمجرد دخول قرار الدولار الجمركي حيّز التنفيذ سنكون أمام انخفاض للاستيراد وتراجع الاستهلاك appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.