ينفي «حزب الله» تدخل إيران في الشؤون اللبنانية.
تُصدق النفي.
لماذا تتدخل، طالما أن اللبيب من الإشارة يفهم؟.
وما يصح في لبنان، يصح في اليمن وغزة والعراق وسوريا. ففي كل بلد منها، أكثر من لبيب يفهم الإشارات الإيرانية «على الطاير».
وكما هم، نحن أيضاً نفهمها «على الطاير».
نفهم أن إيران تداعب أحلامنا الفلسطينية الأولى. وتلزمنا بالإندفاع خلفها نحو القدس.
تطربنا بخطاباتها، التي تبشرنا بمسح إسرائيل من جغرافيا فلسطين.
تتبنى شعارنا المنسي بإلقاء إسرائيل في البحر.
تهتف بما كنا نهتف به أيام الغضب العربي:
الموت لإسرائيل.
الموت لأميركا.
قبل أيام ذكّرنا الحزب بأربعين سنة مقاومة. ووعدنا بالتخطيط لأربعين سنة أخرى.
لماذا لا ننتظر؟… فموت إسرائيل وأميركا يستحق الإنتظار.
يا الله، ما أجمل وجه إيران الفلسطيني!.
لكن ماذا عن وجهها الإمبراطوري؟.
تطلعاتها الخليجية تصيبنا بالهلع.
هي محتلة في جزر الإمارات الثلاث. وطامعة في ضم البحرين. وقاضمة لقسم من اليمن تمهيداً لقضم القسم الشرقي من السعودية.
نحن وهي نمارس معاً إزدواجية المواقف وتناقض الأهداف.
نتوهم نحن أنها ستحرر لنا فلسطين. وتتوهم هي أن الخليج فارسي الإنتماء والولاء.
ورغم أن تحرير فلسطين أمر شائك وبعيد، منذ أن أبعده أبو مازن إلى أوسلو ودفنه في ثلوجها، فإن الدعم الإيراني يبقي مقاومة إسرائيل مادة «ألْسنية» تلهب المسامع. لكنه في مكان آخر دعم يشعل فتنة تهدد بقايا وحدتنا العربية، المصابة أساساً بالتفكك والتبعثر.
الحوثيون، بفقرهم اليمني التاريخي، يستحيل أن يتمكنوا من تصنيع الطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية وشراء المدرعات والمدافع وآليات نقل الجنود. فهم بالنتيجة لعبة فارسية مسلحة.
والنموذج اليمني سبقته نماذج عراقية.
لعب فارسية مسلحة لا تعد ولا تحصى، تؤجج، كالحوثية، حالة مذهبية تذهب بالبلاد إلى الخراب… وقد ذهبت إليه.
قبل تصدير الثورة الإيرانية، لم يشهد الوطن العربي حالة مذهبية تضرب وحدة الإسلام وتآخي المسلمين.
اليوم نبحث عن توحيديين فلا نجد إلا فرق التفرقة.
صحيح أن الحالة المذهبية العارمة في إيران كانت سبباً، يكاد يكون وحيداً، في نجاح ثورة الخميني وفرار الشاه. إلا أن ما استقام في إيران حينها، لا يستقيم في الوطن العربي هذا الحين. وعلى الثورة الإيرانية أن تسعى إلى علاقات عربية تنصرها في مواجهة أميركا، لا أن تسعى إلى سيطرة، لن تؤدي إلا إلى فوضى لا يمكن لإيران أن تنجو منها.
إذاً، على الثورة الإسلامية وفروعها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، التوقف عن استغلال الوجه الفلسطيني لتمرير الوجه الإمبراطوري. فالتلاعب بمشاعر العرب الفلسطينية بات مكشوفاً باحتفاظ الممانعة بحقوق الرد على ضربات إسرائيل واغتيالاتها… فثلاجة التاريخ قد امتلأت بهذه الحقوق الممنوعة من الصرف… والمباحة للزهايمر.
The post حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – الوجه الفلسطيني والوجه الامبراطوري appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.