بمناسبة ذكرى استقلال لبنان ال ٧٩ صدر عن المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ( WLCU) فرع استراليا ونيوزيلندا المقال التالي بتاريخ ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢٢
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ … بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
نعم عدت يا عيد ! في مثل هذا اليوم، في ٢٢ تشرين الثاني من كل سنة نحتفل بعيد استقلال لبنان، لا أدري أنفرح لحلول العيد أو نحزن لاستمرار الاِنكسارات و الانهيارات وخيبات الأمل المتتالية. ليت العيد جاء بما مضى من عزٍ و كرامة و انتصار … فنحن اليوم الى اليأس من الفرج الذي لا يأتي، فلا بصيص أمل يلوح في الافق. عدت يا عيد ونحن كما نحن غارقون في الفساد و الانهيار.
نحتفل و غصة في قلوبنا إذ اننا نحتفل اليوم بدون رئيس للجمهورية، بدون حكومة و بدون اي استعراض عسكري كما جرى في العادة. لا نملك الا الدعاء بأن يلهم الله جميع المسؤولين في اي موقع من مواقع المسؤولية الرسمية والوطنية، علّهم يطرحون كل الخلافات جانباً، للانصراف إلى إعادة تكوين الدولة ومؤسّساتها ووقف النزف المتمادي الذي أفقر الشعب وهجّر أبنائه.
إلا أن المغترب اللبناني المولع و المؤمن بوطنه، يتطلع دائماً الى عودة ظافرة إلى وطن آمن ومستقل، فيحمل في جعبته هموم وشجون الوطن ليصرخ من أعلى المنابر الدولية مطالباً بسيادة لبنان و أمنه و استقراره. لا و الف لا، لن نيأس و لن ننكسر و مهما طال ليل الظلم والألم! ومهما كثرت الهموم والأحزان! سنصنع من الألم أمل! و سنصنع من الظلام نور!
بالله عليكم عن أي عيد استقلال نحتفل? .
باستقلال أي لبنان تحتفلون؟
عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد، بلبنان الذي لم تحترموا استقلاله و لم تحافظوا على سيادته أو بلبنان المشرعة حدوده بمعابر غير شرعية، يتاح عبرها التهريب على جميع أنواعه من موادٍ و بشرٍ.
الويل لكم أيها المؤتمنون على الحفاظ على استقلال و سيادة لبنان، وقد خنتم دستوره بمناكفاتكم و بتناحركم.
الويل لكم أيها المتصارعون على الكراسي و على استلام المسؤوليات الوطنية، وقد فشلتم فشلًا ذريعًا بإدارة البلد و مؤسساته.
الويل لكم من قسمتم و شرذمتم الوطن الى أحزاب و طوائف و مذاهب و تحالفات داخلية و خارحية وقد أدخلتم البلد في صراعات سياسية داخلية، اقليمية و دولية لا نهاية لها..
ما من عامٍ يمضي إلا والذي بعده أسوأ منه…
ما من عامٍ يرحل إلا والذي يليه أشر منه…
من لبنان سويسرا الشرق في الزمن الجميل الى لبنان فنزويلا الشرق في يومنا هذا في الزمن القبيح ، و الذي يشهد أسوأ الازمات المالية والاقتصادية في العصر الحديث.
من لبنان وﻃﻦ ﺳﻴﺪ ﺣﺮ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ذو وجه عربي، كما صدر في ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟاﺒﻨﺎني في ٢٣ ايار سنة ١٩٢٦ وكما درسناه وحفظناه جيداً في دروس التربية الوطنية على مقاعد الدراسة، الى لبنان وطن سيادته منهكة، حرمة أراضيه متاحة و مشرعة، قراره محتل و محتكر، ذو وجه فارسي مما أدى الى تدهور
علاقة لبنان مع الدول العربية.
ليت التاريخ يعيدنا الى الزمن الجميل، زمن المجد والعز و الكرامة، عهد الرجال والشهامة و الوفاء، الى ٢٢ تشرين الثاني من عام ١٩٤٣ يوم نال لبنان استقلاله. تحقق يومها حكاية استقلال حفرت في كتب التاريخ لمدى الاجيال، كتبها رجالات وطنية صادقة و مناضلة، أبرزهم رياض الصلح وكميل شمعون وحبيب أبي شهلا وعادل عسيران ومجيد إرسلان وسليم تقلا، وصولاً إلى صبري حمادة وصائب سلام وعبد الحميد كرامي. لم يتوقعوا هؤلاء الأبطال أن تضحياتهم ستذهب سدىً، ونضالهم عبثًا. و أن من سيخلفهم سيغرسون شوكة في خاصرة وقلب لبنان و سيخونون الامانة ليشكلوا زمرة من الفاسدين تؤدي الى دمار البلد وانهياره الكلي.
فبعد ٧٩ سنة من هذا اليوم المشرف و التاريخي و بعد ان استلم زمام البلد هؤلاء الفاسدون، بأية حالٍ أعادوا العيد علينا؟ ماذا تركوا من لبنان و من استقلاله لنحتفل به؟؟ كم نحن اليوم بأمس الحاجة لابطال رواية الحرية و لرجالات الاستقلال لينقذوا البلد من أزماته المدمرة و يعيدوا لبنان الى بر الامان.
أي إستقلال هذا؟؟ و قرار الطوائف و الاحزاب مرهون للخارج، تأتيهم التعليمات والأوامر من السفارات ويشترونهم بأموالهم. ليس من الضروري أن تدخل الجيوش لتحتل بلادنا فيكفي أن حكامنا والمسؤولين فيه مرهونون و قرارهم محتل وهم مأمورون من الخارج !! إذن و للأسف الشديد لبناننا الحبيب غير مستقل!!
أي استقلال هذا ؟؟ و كل حزب له جيشه، علمه، لونه، شعاره ونشيده … أي استقلال هذا ؟؟ و ولاؤهم لخارج لبنان وانتمائهم ليس للوطن. ليجعلوا منه بلد ممزق ينخره الفساد والجشع وتحكمه السياسات الإقليمية الدولية.
آه يا زمن!! فعن اي لبنان تتكلمون وبأي استقلال مزيف تحتفلون؟ لقد عدنا الى الوراء مئات السنين. بذمتكم مر على لبنان أشكال وألوان و أجناس! يا ليتنا بقينا تحت الإنتداب و الإستعمار الفرنسي ولم نقبع تحت ظلم وجشع و انعدام ضمير الحكام و المسؤولين الفاسدين، دون تفرقة من حزب أو دين. حتى حكم السلطنة العثمانيةالجائر و الظالم الذي شهد هجرة اللبناني من الجوع و القمع و نهب خيرات بلادنا، كان أرحم من ظلم هذه المنظومة الفاجرة التي همها و هدفها الوحيد السلطة و النهب. هل تتذكرون سفر برلك وهل نعيش سفر برلك آخر من المجاعة و الفقر و الظلم؟؟ حتى في زمن ا لاحتلال السوري كان الشعب يتنعم بدولاراته رغم القصف والتهجير و الدمار و لم نعش ازمة اقتصادية ولم تسرق أموال المودعين اللبنانيين من المصارف.
لطالما تمنيت ورددت وأردد دائماً، يا ليت أستراليا هذه الدولة العظيمة التي تحترم شعبها و تحفظ كرامته و جميع حقوقه تتكرم علينا و تستعمرنا لتنقذنا من هؤلاء الفاسدين. لأن المولجين بصون الوطن أظهروا تقاعسهم و عجزهم الكامل عن الحفاظ على هيبة الدولة وصون حقوق اللبنانيين.
في نهاية المطاف لن نيأس لأن الشعب اللبناني صاحب حق، و من حقه ان يطالب بتحقيق إستقلال حقيقي للبنان سيد حر و مستقل، والمغترب اللبناني يحمل وطنه في قلبه و وجدانه، ومصر و مثابر على العمل في تحقيق سيادة لبنان. لأننا نحن اللبنانيون شعب مؤمن بحقه في الحياة و الحرية و الكرامة.
اعلل النفس بالامال أرقُبُها، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. فبالرغم من هذه الايام الحالكة السواد، لبنان سيتخطى كل الصعاب والمآسي لأن الشعوب المؤمنة لن تهزم مهما طال ليل الظلم ومهما استبد الظالمون ببطشهم، لأن لبنان أرض القداسة. هذا البلد هو وقف الله على الارض، فلا تخافوا ان الله معنا ومع لبنان.
كلنا للوطن للعلى للعلم
بحبك يا لبنان ياوطني بحبك