
بقلم مروان اسكندر
ان هذا العنوان يستحوذ على انتباه القارئ المتابع للشأن الاقتصادي خاصة لسببين: اولهما ان الكاتب توفيق شمبور انسان مثقف ذو اخلاق جيدة عمل في مصرف لبنان لسنوات قبل تقاعده وتحقيق ادخارات سمحت له بخوض انجاز فندق يتمتع بصفات مميزة واقع في منطقة الشمال. ثانيًا، ان المقال نشر في جريدة نداء الوطن التي اطلقها ميشال مكتف رئيس مجلس ادارة شركة مكتف التي تميزت بأعمال نقل العملات ما بين لبنان واوروبا والولايات المتحدة بفعالية وبالتالي اسهمت في اعطاء لبنان دور في نشاطات الاستثمار في السندات وتوقع تعديلات اسعار العملات، وقد استثمر ميشال مكتف في نشاطه حتى اخضع لتحقيق حول اعماله من قبل القاضية غادة عون والتي خصصت ساعة ونصف للتحقيق مع ميشال مكتف دون ان تكتشف اي مخالفة، ولسوء الحظ يقدر ان هذه الجلسة اظهرت نقمة عهد ميشال عون على آل مكتف لاصدارهم جريدة جيدة ومعارضة لسياساته. والامر المحزن ان ميشال مكتف الشاب الناجح وصاحب الرؤيا المستقبلية خسر بقية حياته من جلسة استجوابه التي لم تؤد الى نتيجة.
نعود الى مناقشة مقال توفيق شمبور الذي ترك العمل المصرفي بعد سنوات عديدة في مصرف لبنان وركز جهوده على تنمية فندق مميز بحداثته وموقعه، ونقول بداية ان توفيق تجاهل الكثير من التعديلات التي طرأت على عمل البنوك المركزية الامر الذي دفعه الى التشديد على مخالفات عديدة اعتبر انها ارتبكت من ادارة مصرف لبنان وهنا اجد نفسي مخالفًا معه لان عمليات الاحتياط الفدرالي – والذي هو البنك المركزي الاميركي – المملوك جزئيًا من البنوك التجارية تعدلت بصورة جذرية بعد فك الارتباط بين عمليات بنوك الاعمال والبنوك التجارية قبل نهاية عهد التسعينات.
والفت نظره الى ان عهد الرئيس ريغان حينما ابتدأ كان يجابه حالة انكماش مديدة عالجها في حينه حاكم البنك المركزي الاميركي الذي سبق تولج الحاكمية من قبل آلان غرينسبان الذي اعتمد سياسات اسهمت في تفجر ازمة بنك ليمان برازرز التي استوجبت تدخل تسهيلي متمادي في الولايات المتحدة وفي اوروبا ومن قبل البنك المركزي الاوروبي، وكذلك من قبل البنك المركزي الياباني في حينه والذي كان اصبح يتمتع باحتياطي ضخم.
نتيجة وضع الاقتصاد الاميركي اوائل الثمانينات، اي مجابهة الانكماش تمثلت في رفع معدل الفائدة الى 28% على الودائع النقدية وقد استمر هذا الوضع لسنوات، ومن ثم خاصة بعد تولج آلان غريسبان حاكمية الاحتياطي الفدرالي سادت توجهات
تخفيض الفوائد وشروط الرقابة على الاقراض حتى انخفض سعر الفائدة الى 2-1% وساد التخوف من توسع نتائج التضخم المرافق لتوسع العمليات العقارية في الولايات المتحدة خاصة في نيويورك وضواحيها.
الاوروبيون كانوا بالكاد قد اتفقوا على سياسات اليورو وحاولوا ان يتفاعلوا مع التوجهات الاميركية لان الدولار كان العملة الرئيسية في النظام العالمي ويجب ان نذكر ان اليورو اصبح عملة قابلة للاعتماد كمصدر للثقة وحفظ اموال الدول، لكن اليورو حتى تاريخه وان تعاظمت رقعة السوق الاوروبية واعتماد 16 دولة على اليورو لا يزال مرتبط بتحركات الدولار.
الاميركيون اعتمدوا معالجة اوضاعهم بتسهيل مجالات الاقراض واخذوا يبحثون عن مجالات خارج الولايات المتحدة تعزيزًا لنسبة الاعتماد على الدولار في المعاملات التجارية والاستثمارية الدولية، وكانت كلفة معالجة ازمة بنك ليمان برازرز حوالى 5 تريليون دولار – والتريليون هو الف مليار دولار – والكلفة في السوق الاوروبية تجاوزت هذا الرقم وفي بريطانيا احتاجت الدولة الى شراء اكبر مصرف ب150 مليار جنيه استرليني وتامين السيولة للمصارف البريطانية خاصة بعد اتخاذ بريطانيا قرار الانسحاب من السوق الاوروبية.
حظي لبنان في تلك الفترة على تدفق 24 مليار دولار من موجودات اللبنانيين في البنوك الخارجية الى البنوك اللبنانية، وحقق البلد عام 2005 حتى بعد اغتيال الرئيس الحريري اعلى مستوى للنمو منذ سنوات.
واجه البنك المركزي تحديات استيعاب هذا التدفق وشجع على انجاز عمليات دمج لم تنجح كلها، على سبيل المثال ما بين بنك عوده وبنك السرادار، في حين دفع البنك الكندي اللبناني الى الاندماج مع الشركة المصرفية العامة اسهم في ترسيخ الانطباع بان البلد يسير في الاتجاه الصحيح.
الواقع كان غير ذلك. فالنجاح يستقطب محاولة تحقيق نتائج مماثلة وبالتالي بدأت تظهر مؤشرات على محاولات للنيل من سمعة الحاكم رياض سلامة، وتجلى هذا الامر في اعتلاء نائب الحاكم الاول الى منصب وزارة الاقتصاد وتصوره بانه هو من عليه ادارة الشأن المالي والاقتصادي ولسوء حظ ناصر السعيدي لم يحقق لبنان اي نمو
ما بين عامي 1998 و2000 بعد تولج الرئيس لحود مهمات قيادة البلد، وحينما ظهرت نتائج انتخابات صيف عام 2000 وفوز حزب رفيق الحريري الكاسح توقف العمل على تطوير الادارة اللبنانية، واحيطت مساعي الحاكم لتسيير الشأن النقدي بشبه الشلل لان السياسة المالية كانت انفلاشية بسبب توجهات حكم الرئيس لحود، وبدأت تظهر مؤشرات على توسع عجز ميزان المدفوعات وتحرك خلافات ما بين ممثل الحكم السوري ورفيق الحريري.
بالمقابل وبصورة تدريجية واجه حاكم مصرف لبنان محاولات لتقليص دور البنك المركزي فتأسست مؤسسات للصيرفة غير خضعة لأنظمة مصرف لبنان، ومن بعد جمعية القرض الحسن التي اصبحت بمواردها تضاهي خامس اكبر بنك وتحركت اعمال تصدير المحروقات المستوردة والممنوحة دعمًا من مصرف لبنان دون ان يحقق لبنان فائدة من هذه المنتجات التي استوردها ومن ثم صدرت دون نفع للاقتصاد اللبناني، وبالتالي اعتاشت سوريا على عجز ميزان المدفوعات اللبناني ولم يكن بالامكان ضبط الوضع.
عزيزي توفيق…يجب ان تدرس خلفية الوضع الذي نحن فيه وان تقدر ما اذا كانت الاجراءات ال28 كما تقول ام لا؟ وبصورة خاصة ادعوك الى التعليق على ضبط التحويلات حتى عام 2020 حينما تسببت اجراءات حسان دياب وبنصيحة نائب رئيس مجلس الوزراء عدم تسديد فوائد دين اليوروبوندز فاصبحنا مصنفين بين الدول المارقة.
The post فاقعة أسست للانهيار النقدي والمصرفي appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.