الرياض وكالات – الناس نيوز ::
عادت قمة فوربس الشرق الأوسط للمرأة في نسختها الثالثة، لتنطلق اليوم في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 بفندق فيرمونت الرياض، تحت شعار “إلهام بلا حدود”، برئاسة حرم سمو أمير منطقة الرياض، صاحبة السمو الأميرة نورة بنت محمد آل سعود، رئيسة مجلس إدارة اللجنة النسائية للتنمية المجتمعية بمجلس المنطقة.
وقد جمعت القمة نخبة من القيادات النسائية المؤثرة وصانعات تغيير من مختلف أنحاء المنطقة والعالم للاحتفاء بالريادة النسائية والتميز الإبداعي.
رحلة التمكين من الوعي إلى الابتكار
انطلق برنامج اليوم بجلسة حوارية مفتوحة شاركت فيها الدكتورة سمية الناصر، رئيسة مجلس إدارة شركة إلياك، حيث تناولت ركائز الاقتصاد الإبداعي والدور الذي تؤديه القيادة الواعية في تمكين المرأة في تجاوز التحديات وتعزيز النمو المستدام. وأكدت الناصر أن “تمكين المرأة لا يقتصر على هذه اللحظة، بل هو رحلة بدأت قبل زمن طويل من كتابة التاريخ”.
ويكمن التحدي الحقيقي راهنًا، في وعي المرأة بمكانتها، وسعيها المستمر لتنمية وتعزيز دورها في المجتمع”. وأضافت الدكتورة سمية الناصر أن التمكين الحقيقي يبدأ عندما تتوقف المرأة عن استنساخ نجاحات الآخرين، وتثق بأدواتها الخاصة: حدسها، وإبداعها، وتعاطفها؛ “فعندما تعرف ذاتها بعمق، يصبح حضورها هو صوتها الأقوى”.
انطلاقًا من هذا النقاش الملهم، تحوّل التركيز إلى الجلسة الأولى، التي استعرضت دور الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة في رسم ملامح القطاع المالي، بدءًا من المدفوعات والائتمان وصولًا إلى الشمول المالي، وفتح آفاق جديدة للنمو في الأسواق الناشئة. وخلال الجلسة، أكدت داليا خورشيد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة والعضو المنتدب لشركة بلتون القابضة، على أهمية البيانات باعتبارها ركيزة الاقتصادات المستقبلية. وقالت: “البيانات ثروة. كلما استثمرت في بياناتك وتحليلاتك، أصبحت عوائدك أكثر تقدمًا واستدامة. كل قرار قائم على البيانات هو خطوة نحو ازدهار طويل الأمد”.
ومن جانبها، أكدت الدكتورة سعيدة جعفر، المديرة الإقليمية لمجموعة فيزا ونائب الرئيسة الأولى لعملياتها في منطقة مجلس التعاون الخليجي، أن الابتكار لا ينفصل عن المسؤولية، مشيرةً إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس خيارًا، غير أن توجهه يعتمد على الإدارة البشرية الواعية. وقالت: “الذكاء الاصطناعي ليس خيارًا، فهو موجود بالفعل. التزييف العميق، والتحيز، والحوكمة تمثل أبرز ثلاثة مخاطر يجب التعامل معها في مجال الذكاء الاصطناعي، فبناء الثقة وضمان العدالة ووضع الضوابط المناسبة هي ما سيحدد كيف ستخدمنا التكنولوجيا مستقبلًا”.
أما الدكتورة نورة المرزوقي، المديرة المالية، في سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، فأشارت إلى أن القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي تكمن في قدرته على بناء أنظمة مالية أكثر عدالة. وقالت: “الذكاء الاصطناعي قوة فاعلة قادرة على تغيير طريقة عمل الأنظمة المالية، من خلال تحسين الوصول إلى رأس المال، وتقليل العقبات أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإدماج المزيد من الشركات التي لا تحظى بالخدمات الكافية ضمن المنظومة المالية”. وأضافت: “لكن لتحقيق أقصى استفادة من إمكاناته، لا بد من ضمان حوكمة متينة، وجودة بيانات عالية، وإرساء ضوابط حماية واضحة”.
رؤية نسائية تقود التغيير في قطاعات المال والابتكار
ركزت الجلسة التالية على دور القيادة النسائية في قطاعي التأمين والتمويل. وأشارت سمو الأميرة جواهر آل سعود، المدير العام التنفيذي لقطاع تجربة العميل في التعاونية، إلى البعد الإنساني المميز الذي تُضيفه المرأة إلى هذا القطاع. وقالت: “تُضفي المرأة في قطاع التأمين منظورًا إنسانيًا فريدًا. فنحن ننظر إلى العملاء كأشخاص أولًا، وليس مجرد أرقام أو وثائق. وسؤالنا الأساسي هو: كيف سيؤثر المنتج على حياتهم، وليس فقط على أرباحهم”.
ومن جانبها، أكدت سعادة رجاء المزروعي، الرئيسة التنفيذية لشركة الاتحاد لائتمان الصادرات، “أن البيانات تُعد عنصرًا محوريًا في تعزيز عملية صنع القرار. وعندما تكون المرأة جزءًا من هذه العملية، فهي تُضيف المرونة والإبداع والرؤية الاستراتيجية”. كما شددت على أهمية القيادة الشاملة في دعم الابتكار وتعزيز القدرة على التكيف.
استكمالًا لبرنامج اليوم، تناولت النقاشات دور الاستثمار في الابتكار في بناء مستقبل أكثر استدامة. وأشارت منال البيات، الرئيسة التنفيذية للعمليات في “إدامة”، إلى البعد التشغيلي للابتكار، قائلةً: “يشمل الابتكار تبسيط الحوكمة، ورقمنة العمليات والإجراءات، وتمكين الفرق من العمل بسرعة وبروح من المساءلة”.
وفي السياق ذاته، شددت نجود صالح المليك، المديرة العامة لشركة فيتش للتصنيف الائتماني بالسعودية، على أهمية تحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد لتعزيز ثقة المستثمرين. وقالت: “تُعد مشاركة الحكومة، خصوصًا في المراحل الأولى من الابتكار، ذات أهمية محورية؛ فالشراكة في الصناديق، وتحمل المخاطر المحسوبة، يسهمان في دعم ريادة الأعمال وتعزيز ثقة المستثمرين”.
واستمرارًا للنقاشات حول الابتكار وريادة الأعمال، شددت أضوى الدخيل، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة فلك للأعمال والاستثمار، على أهمية تحقيق التوازن لبناء منظومة مستدامة. وقالت: “تتطلب الاستدامة المالية الاهتمام بجانبي العرض والطلب، حيث يمثل العرض الشركات الناشئة، والمؤسسين، والمبتكرين، وحقوق الملكية الفكرية الجامعية، بينما يمثل الطلب المستثمرين الذين يدركون طبيعة المخاطر العالية والعوائد المرتفعة التي تتسم بها المشاريع في مراحلها المبكرة”.
من التجزئة إلى الدبلوماسية: أفق جديد للقيادة النسائية
وفي محور آخر، تحوّل تركيز القمة إلى تطور قطاع التجزئة في المملكة العربية السعودية والمنطقة. وقد عرضت أليسون ريهيل-إرغوفين، الرئيسة التنفيذية لسينومي سنترز، رؤيتها حول الأثر التحولي للذكاء الاصطناعي على القطاع، مشيرةً إلى أنه سيُحدث “تغييرًا جذريًا” من خلال تمكين عمليات أكثر ذكاءً، وتجارب تنبؤية ومتخصصة، وتكامل متقدم بين أنظمة الخدمات الأمامية والخلفية. وأضافت: “من خلال المزج بين العلامات التجارية العالمية والهوية الثقافية المحلية، يمكننا تقديم تجارب استهلاكية راقية ودعم الابتكار وريادة الأعمال المحلية في آن واحد”.
كما ركّزت القمة على الدور المتنامي للمرأة في الدبلوماسية. وفي هذا السياق، تحدثت سعادة السيدة بيترا ميناندر، سفيرة مملكة السويد لدى السعودية واليمن وعُمان – سفارة السويد في الرياض، عن أهمية شبكات العلاقات والإرشاد المهني في مسيرة القيادات النسائية، قائلةً: “شبكات العلاقات والإرشاد المهني عنصران جوهريان. لقد ساعدتني الروابط بين السفيرات والبرامج الداعمة للقيادة النسائية في فهم سياقات جديدة والقيادة بفعالية داخل المملكة العربية السعودية”.
ومن جانبها، أكدت سعادة السيدة آنو ايريكا فليانين، سفيرة فوق العادة ومفوّضة لجمهورية فنلندا في الرياض، على دور “التعليم عالي الجودة، والتكنولوجيا المتطورة، والتعاون الدولي باعتبارهم ركائز أساسية لتنشئة قادة ذوي رؤية وقدرة على التعامل مع عالم سريع التغير”.
القيادة الواعية بين الرؤية والنتائج
تناولت القمة أيضًا ديناميات القيادة الحديثة. وأكدت نادية زعل، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة زايا، والمديرة التنفيذية لمشروع البراري، أهمية التوازن بين البيانات والحدس في عملية صنع القرار، مشيرةً إلى أنهما “ليسا متعارضين”. وأضافت: “نحتاج إلى البيانات للوضوح وفهم الاتجاهات، لكن في نهاية المطاف، الحدس هو ما يوجّه أفضل القرارات”.
وفي السياق ذاته، أوضحت أمال الشاذلي، رئيسة منطقة الخليج في شنايدر إلكتريك، أنه “عندما يُمكَّن القادة بهدف واضح، يصبحون أكثر قدرة على العمل بمرونة، واتخاذ قرارات سريعة، والتركيز على الأثر طويل المدى بدلًا من الاعتماد فقط على مؤشرات الأداء قصيرة الأجل”.
كما شددت ناتالي أميل فيرولت، رئيسة التسويق والتجزئة، في AJEX Logistics Services، على أهمية الطموح والدقة في التنفيذ باعتبارهما عنصرين أساسيين للنجاح. وأضافت أن “القيادة الحقيقية ترتكز على أربعة محاور رئيسية: تجربة العملاء، والتميز في الخدمة، وسعادة الفريق، ونتائج الأعمال”.
من المجوهرات إلى السينما: حضور نسائي متألّق
إلى جانب ذلك، سلطت القمة الضوء على براعة وأهمية المجوهرات العصرية. حيث تحدثت حنان بودي، خبيرة تقييم الألماس واستشارية مجوهرات، ومؤسسة I Speak Diamonds، عن القيمة الخالدة للمجوهرات، قائلةً: “الندرة هبة إلهية تستغرق ملايين السنين لتتشكل، سواء في الذهب أو الألماس. أما القيمة العاطفية فلا تُقدّر بثمن — فكل قطعة تحمل قصة ومشاعر وذكريات”.
أيضًا، تبوأت الممثلة السعودية لبنى عبدالعزيز، المنصة للحديث عن تطور حضور المرأة السعودية في السينما والتلفزيون. واستعرضت التحول اللافت الذي شهده المشهد الإبداعي في السعودية، والذي انتقل من مساحة محدودة لظهور المرأة إلى حضور قيادي على الشاشة وخلف الكواليس. وقالت: “قبل أكثر من عقد، كانت مشاركة المرأة السعودية في الأعمال الدرامية محدودة جدًا مقارنة بنظيراتها في العالم العربي، وغالبًا ما اقتصرت على أدوار ثانوية. أما اليوم، فنشهد تحولًا حقيقيًا”. فيما وصفت المرحلة الحالية بأنها “العصر الذهبي للفن السعودي”، مؤكدة أن الدعم الحكومي واتساع الفرص فتحا الطريق أمام الفنانات لإبراز مواهبهن.
لكنها لفتت أيضًا إلى أن “التحدي الأكبر يكمن في قدرة الفنانة على ترسيخ حضورها والحفاظ على مسيرة مهنية مستدامة، واتخاذ خيارات تعبّر فعلاً عن موهبتها”.
تكنولوجيا تُنصت لاحتياجات المرأة وتُترجمها إبداعًا
علاوة على ذلك، شاركت توركيا مهلول، الشريكة المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Ovasave، تجربتها الشخصية التي دفعتها لإحداث نقلة نوعية في النقاش حول الصحة الإنجابية للمرأة. فبعد اكتشاف تحديات الإنجاب التي واجهتها، أدركت محدودية الوعي حول الصحة الإنجابية وتجميد البويضات، حتى بين النساء أنفسهن. هذه التجربة كانت الدافع وراء تأسيس منصة Ovasave الرقمية التي تُقدم اختبارات الهرمونات المنزلية وخدمات تجميد البويضات وخيارات الإنجاب، بما يُمكّن النساء من المعرفة والوصول إلى المعلومات.
كما سلطت الضوء على سعى Ovasave إلى كسر المحظورات حول الصحة الإنجابية عبر نقل النقاش إلى المجال العام، بما في ذلك حملة توعية قدّمت فحوصات مجانية لتقييم القدرة الإنجابية في دبي وأبوظبي، موضحة بدأت الشركة كمشروع ناشئ يقدّم أدوات اختبار منزلية، قبل أن تتوسع لتصبح منصة متكاملة لصحة المرأة تتعاون اليوم مع شركات ومؤسسات تأمين لتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية.
وتخطط Ovasave للتوسع في المملكة العربية السعودية، مع دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب صحية مخصّصة.
وفي جلسة نقاشية حول المبتكرين الذين يجمعون بين الموضةوالتكنولوجيا والتجارة، سلّطت إلفيرا جاين، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة Maison Ellyse، الضوء على أهمية التقاء التكنولوجيا بالإبداع، مؤكدةً أن “السرد هو الذي يمنح التكنولوجيا روحها. فالناس لا ينجذبون إلى الخوارزميات، بل إلى العاطفة والحكاية التي تقف وراء العلامة التجارية”، كما أشارت إلى دمج دور الأزياء العالمية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتها الإبداعية.
بدورها، شاركت جوست نافاغرودسكايت، رئيسة فريق التسوّق الشخصي في أُناس، دور تحليلات البيانات في تعزيز العلاقات الشخصية في تجارة التجزئة الفاخرة بدلًا من استبدالها، قائلة: “إذا خُيّرت بين الحصول على كل بيانات العالم أو قضاء 30 دقيقة مع العميل، فسأختار اللقاء الشخصي بلا تردد”.
واستنادًا إلى خبرتها الممتدة على مدى 17 عامًا، أكدت نافاغرودسكايت أن الخوارزميات يمكنها تحليل التفضيلات، لكنها لا تستطيع فهم التفاصيل الدقيقة لأنماط الحياة المتغيرة أو الاحتياجات العاطفية، وهي أمور لا تتحقق إلا بالتواصل الإنساني المباشر.
وفي السياق ذاته، شرحت ميساء وصفي، مؤسسة MW Fashion Consultancy، دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل مراحل تصميم الأزياء والاستشارات عبر تبسيط التنبؤ بالاتجاهات وتطوير التصميم والإنتاج. وقالت: “اليوم، بضغطة زر واحدة، يمكن للمصممين الاطلاع على شكل تصاميمهم النهائية قبل لمس أي قماش”. وأضافت أن الأنماط المُولدة بالذكاء الاصطناعي توفر الوقت، وتُقلل الهدر، مما يجعل التصميم أكثر كفاءة واستدامة.
حياة متزنة.. ونجاح ينبع من الذات
في جلسة حوارية صريحة وعميقة حول المرأة والتمكين والتجربة الشخصية، قالت الإعلامية المصرية رضوى الشربيني، إن تجربتها كانت واقعية وصادقة، مضيفة: “أنا لا أتحدث عن نظريات أو شعارات، بل عن حياتي الشخصية، عن لحظات سقطت فيها ثم وقفت من جديد. بعض النساء يقعن في فخّ التقليد، فيظننن أن النجاح يُستنسخ. لكن الحقيقة بسيطة: اعملي على تطوير ذاتك، واصنعي النموذج الذي تطمحين لأن تكوني عليه بعد عشر سنوات — حينها ستؤمنين بنفسك، وسيؤمن بك الآخرون.”
وعن قضية تمكين المرأة، قالت رضوى: “التمكين ليس شعارات تُرفع أو مؤتمرات تُعقد، بل هو وعيٌ ومسؤولية. على كل امرأة أن تعمل وتنتج وتستقل، لا من أجل التحدي، بل من أجل أن تعيش بكرامة”. أما عن خوف المرأة من نظرة المجتمع، فقالت رضوى بصدق لافت: “الخوف جزء من طبيعتنا كبشر، لكنه لا يجب أن يتحكم بنا. نحن لا نخاف فقط من المجتمع، بل من مرور الزمن أيضًا. كثيرات يلجأن إلى عمليات التجميل بدافع الخوف من المستقبل، لا حفاظًا على الجمال الحالي. الخوف ليس دائمًا ضعفًا، لكنه إن لم يُفهم ويُواجه، يصبح قيدًا يمنعنا من العيش بحرية”.
وفي جلسة نقاشية مميزة، استعرضت ماريا غالابوفا، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Keto Kartel، كيف يمكن لخيارات نمط الحياة الذكية أن تعزز الصحة والنجاح. وأوضحت غالابوفا أن أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا هو الاعتقاد بأن تبنّي نمط حياة صحي يعني تقديم تنازلات، مؤكدةً أن الرفاهية الصحية الحقيقية تتحقق من خلال التوازن بين المكونات عالية الجودة والنكهة الغنية.
ومع خطط للتوسع في دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا، شددت غالابوفا على أن رسالتها تتجاوز تأسيس علامة تجارية غذائية، بل تهدف إلى دعم الأفراد صحيًا وعاطفيًا ونفسيًا، وإعادة تشكيل ثقافة الطعام بأسلوب يُثبت أن أسلوب الحياة الصحي يمكن أن يكون بوابة لتحقيق الطموحات الكبيرة.
حين تلتقي الإنسانية بالتكنولوجيا في الطب
في جلسةٍ نقاشيةٍ بعنوان “الابتكار والتميّز في مستقبل الرعاية الصحية“، اجتمع نخبةٌ من خبراء القطاع وأصحاب الرؤى لاستكشاف كيف يُساهم الابتكار والمرونة والرعاية المُتمحورة حول المريض في إعادة تشكيل مستقبل الطب. وأكدت الدكتورة خديجة المراشدة، الرئيسة التنفيذية لعيادات “صحة”، أن “الابتكار لم يَعُد يقتصر على إدخال التكنولوجيا إلى قطاع الرعاية الصحية، بل يتمثل في الأثر الحقيقي الذي نُحدثه في حياة الناس”، مشددةً على أن تمكين المرضى من تولّي زمام قراراتهم الصحية يُعدّ ركيزةً أساسية لتحقيق تحولٍ مستدام.
وأوضحت المراشدة أن بيور هيلث وعيادات “صحة”، أطلقتا تطبيق “بيورا”، المنصة الرقمية التي توظِّف قدرات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الصحة والعافية، التي تتكامل مع الأجهزة القابلة للارتداء لتوفير بيانات صحية فورية، تُساهم في مساعدة الأفراد على اتخاذ قراراتٍ أكثر وعيًا بصحتهم. كما شددت على أهمية تعزيز إمكانية الوصول إلى الخدمات الطبية من خلال الاستثمار في العيادات المتنقلة، والرعاية المنزلية، والصحة الرقمية عن بُعد، لضمان وصول الرعاية إلى المجتمعات المهمّشة، وبناء منظومة صحية متكاملة ومتصلة.
ومن جانبها، تحدثت الدكتورة ملاتي أرشانابالاي، رئيسة الخدمات الطبية ومسؤولة الجودة في مجموعة “أستر دي أم” للرعاية الصحية، عن إعادة تعريف معايير الجودة والسلامة من خلال نموذجٍ للرعاية يتمحور حول المريض. وقالت: “الرعاية الصحية لا وجود لها دون المريض”، مؤكدةً أن مفهوم الجودة لم يَعُد يُحدَّد من قِبل مقدمي الرعاية، بل من قِبل المرضى أنفسهم، باعتبارهم في صميم التجربة الصحية.
وسلّطت الضوء على التحول الجذري الذي يشهده القطاع، من نهجٍ تفاعلي قائم على الامتثال إلى استراتيجياتٍ استباقية مدعومة بالبيانات الآنية، ومؤشراتٍ نابعة من النتائج التي يُبلغ عنها المرضى، مع التركيز على التكامل التشغيلي لضمان تجربة رعاية سلسة ومتصلة، تُعزّزها التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
أما مجد أبو زنط، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة “جلوبال فيرتيلتي”، فقد ناقش كيفي مساهمة الابتكار في تحسين نتائج علاجات الخصوبة، مشيرًا إلى أن معدلات النجاح تضاعفت تقريبًا خلال العقد الماضي. ومع ذلك، أشار إلى أن أقل من نصف من يحتاجون إلى رعاية الخصوبة يتمكنون من الحصول عليها، إذ ما تزال التكلفة المرتفعة تشكّل العائق الأكبر أمام الوصول إلى هذه الخدمات، داعيًا إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوسيع نطاق الإتاحة وضمان فرص أكثر عدلاً في هذا المجال الحيوي.
ومن جانبه، تحدث هشام صبري، المدير العام لشركة MSD في السعودية، عن الدور المتنامي للأدلة الواقعية في تطوير منظومة الرعاية الصحية في المملكة. وقال: “الأدلة الواقعية ليست مجرد بيانات، بل هي بوصلة استراتيجية تُرشدنا عبر تعقيدات النظام الصحي.” وأوضح أن الأدلة المحلية تُسهم في تحديد الاحتياجات غير الملباة وتصميم الحلول العلاجية بما يتناسب مع خصائص السكان السعوديين، إلى جانب تسريع الوصول إلى العلاجات المنقذة للحياة وتحسين جودة الخدمات الصحية الشاملة.
رحلة طموح تقودها الثقة والإيمان بالذات
وفي جلسة حوارية نابضة بالشغف والإلهام، شاركت يمنى خوري، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لعلامة YOUMI BEAUTY، الدافع الأساسي وراء تأسيس علامتها التجارية، قائلة: “إلهامي بدأ منذ كنت في السابعة من عمري. وعدتُ نفسي حينها أن أجعل كل حلم حقيقة. بدأت رحلتي من لبنان، وكنت أدرك أن الطريق لن يكون سهلًا. المرأة اللبنانية قوية، ولكن البيئة التنافسية قاسية. ومع تصاعد الأوضاع الصعبة في بلادي، انتقلت إلى الإمارات وبدأت من جديد وسط شركات عالمية كبيرة.”
لاحقًا، شاركت يمنى الحضور، التحديات التي واجهتها في بداياتها، وقالت: “كانت المسؤوليات كثيرة، والعلامة التجارية تحمل اسمي، وهذا يعني أنه لا مجال للخطأ”. ثم انتقل الحديث إلى القرارات التي حولت شغفها إلى أرباح ملموسة، موضحة: “من يعرفني يعرف أنني أحب العمل والنجاح الملموس. المال بالنسبة لي ليس هدفًا بحد ذاته، بل نتيجة طبيعية للتفاني والإبداع.”
واختُتمت الجلسة برسالة وجهتها يمنى إلى كل فتاة تطمح لأن تسير على خطاها: “كوني قوية، وارفعي سقف طموحاتك، وآمني بنفسك. الثقة هي مفتاح كل إنجاز، والإصرار هو ما يصنع الفرق بين الحلم والواقع.”
تعزيز الوعي بالصحة النفسية في العالم العربي
في حوار مفتوح حول تعزيز الصحة النفسية في المجتمعات العربية، قالت ريما معلوف، رئيس شؤون الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا وآسيا في شركة فياتريس: “لا يمكن تقييم أو مقارنة دول الشرق الأوسط في مجال الصحة النفسية بطريقة واحدة عادلة، نظرًا لاختلاف الظروف السكانية والاجتماعية والاقتصادية لكل دولة.
وقد أثبتت البيانات أن التراجع في مؤشرات الصحة النفسية هو ظاهرة عالمية، إلا أن هذا التراجع في العالم العربي يبقى نسبيًا ويختلف من دولة إلى أخرى”.
ورغم ما شهدته منطقة الشرق الأوسط مؤخرًا من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، فإن هناك بوادر أمل حقيقية بفضل السياسات والاستثمارات والمبادرات المشتركة بين القطاعين العام والخاص، حيث أشارت ريما إلى أن المنطقة تتجه اليوم إلى بنيةٍ واضحة نحو تعزيز مكانة الصحة النفسية وجعلها في متناول الجميع، من خلال الحدّ من الوصمة الاجتماعية وتوسيع نطاق الرعاية النفسية عبر السياسات والبرامج التوعوية الرسمية وغير الرسمية، بما يسهم في الارتقاء بالصحة النفسية الداخلية، وينعكس إيجابًا على صحة المرأة وجمالها من الداخل والخارج”.
المرأة والرياضة وسباقات السيارات
في جلسة نقاشية حول صعود المرأة في عالم الرياضة، تحدثت دانية عقيل، متسابقة سيارات ورياضية، عن رحلتها في عالم سباقات السيارات، قائلةً: “لقد كانت خمس سنواتٍ استثنائية. بدأتُ السباقات عام 2019، ونمت بسرعةٍ هائلةٍ وبنطاقٍ هائل”. واستعرضت انتقالها من المشاركة في سباقات الدراجات النارية في عطلات نهاية الأسبوع بدول مجلس التعاون الخليجي إلى تمثيل المملكة العربية السعودية في رالي داكار، أحد أصعب سباقات التحمل في العالم.
وأكدت أن دعم الاتحاد السعودي لرياضة السيارات، إلى جانب الانضباط والتركيز، شكّل أساسًا لتقدمها، مشيرةً إلى أن البيئة الرياضية المتطورة في المملكة تفتح آفاقًا غير مسبوقة أمام النساء للمنافسة عالميًا.
أنّا جنى محمد، مساعدة مدرب فريق القادسية لكرة القدم للسيدات، فقد شاركت رحلة تحولها من لاعبة إلى مدربة بعد إصابات دفعتها إلى مغادرة الملعب، لكنها ظلت مرتبطة بكرة القدم بدافع شغفها العميق باللعبة. وقالت: “عندما توقفت، أردت أن أكون قريبة من الملعب لأنني أحبه”.
وتحدثت عن توجيهات المديرة الفنية مونيكا ستاب التي ساعدتها على اكتشاف مسارها التدريبي، لتواصل اليوم لعب دورٍ فاعل في بناء كرة القدم النسائية في المملكة. وأكدت محمد أن “الدعم من الاتحاد ووزارة الرياضة كان هائلًا”، لافتةً إلى المبادرات والاستثمارات الحكومية التي ساهمت في تسريع الاحتراف وإرساء بنية قوية لكرة القدم النسائية في السعودية.
اختتم وليد أبو النجا، مؤسس Nafas Journeys، فعاليات اليوم بكلمة تأملية ملهمة، أدار خلالها الجلسة الختامية بحديثٍ محفّزٍ للفكر حول القيادة الهادفة وتعزيز الطاقة الأنثوية في بناء مستقبل أكثر توازناً. وتناول في كلمته التحوّل العالمي في مفاهيم القيادة، من الهيمنة إلى التعاطف، ومن المنافسة إلى التعاون، مؤكداً أن التقدّم الحقيقي يتحقق عندما يتكامل الهدف مع التعاطف.
وقال أبو النجا: “المستقبل ليس أنثويًا، بل متوازنًا. فعندما تتحد الطاقتان، يصبح الابتكار واعيًا، ويغدو التقدّم مستدامًا”. وذكّر الحضور بأن القيادة لا تُقاس بالسيطرة، بل بالرعاية والتواصل والأصالة، داعياً النساء إلى مواصلة القيادة بقلبٍ واحد، ودعم بعضهن البعض، مؤكداً أن “عندما ترتقي امرأة واحدة، ترتقي معها النساء بأكملها”.
وتنظم فوربس الشرق الأوسط النسخة الثالثة من قمة المرأة يومي 2 و3 نوفمبر في فندق فيرمونت الرياض، تحت شعار “إلهام بلا حدود”، حيث يجتمع نخبة من القيادات النسائية والرائدات والمبدعات لتبادل الرؤى حول القيادة والابتكار والتمكين، واستشراف مستقبل أكثر شمولًا وتأثيرًا للمرأة في المنطقة.



