كتب عوني الكعكي:
بعد حرب تموز عام 2006، أرسلت جمهورية مصر العربية بعثة طبّية من أجل إنشاء مستشفى ميداني بكامل تجهيزاته، مخصّص لمعالجة الفقراء اللبنانيين ومن كل الطوائف.
ومن أجل الصدف جاء المكان الذي أنشئ فيه المستشفى في حرج بيروت – منطقة قصقص… هذا الموقع المعروف بأنه وسط الأماكن الفقيرة سواء أكان في بيروت أم في الضاحية الجنوبية، وبعد معالجة الآلاف من المرضى مجاناً جاء من يريد أن يشكّك بالمساعدة المصرية ويحاول أن يعطيها لباساً استعمارياً… والأنكى انه اتهم بأنه يخضع للمخابرات الاسرائيلية.
انطلاقاً من ذلك ومن معرفتنا الحقيقية بمواقف مصر العروبة، لا يمكننا أن نقف متفرجين على هذا التصرّف السخيف والتافه الذي تبنته بعض المصادر المغرضة التي تكره مصر وتكره العروبة وتكره لبنان… خصوصاً انهم لا يتحملون وجود أي تعاون عربي ولو كان ممثلاً بمستشفى لمساعدة الفقراء والمحتاجين.
لقد أبى المغرضون إلاّ أن يثيروا في هذا الوقت العصيب قضية المساعدة الطبّية المصرية المتمثلة بالمستشفى العسكري المصري الذي أنشئ بعد عدوان إسرائيل على لبنان خلال حرب تموز،… وراحوا يتساءلون: لماذا سحبت الدول العربية الأخرى مستشفياتها الميدانية التي اقيمت خلال الحرب نفسها، بينما لم تسحب مصر مستشفاها؟ وتناسى هؤلاء أنّ وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس أبيض صرّح مراراً أنّ المستشفى قدّم ولا يزال خدمات طبّية كثيرة للفقراء والمحتاجين، إذ يزور المستشفى يومياً حوالى الـ600 مريض محتاج، ويعالج مجاناً وتقدّم الأدوية إليه مجاناً.
وحجة المعترضين أيضاً أنّ المستشفى موجود في حرج بيروت ما يؤثر على جمالية المكان… متناسين أيضاً ان المنطقة في قصقص اختيرت لأنها نقطة تلاقٍ بين الأحياء الفقيرة في بيروت والضاحية كما ذكرت.
لقد كان للمستشفى العسكري هذا دور هام وحيوي وفعّال عام 2006 عقب حرب تموز بتقديم العلاج للجميع بالمجان. وقد قامت الدولة المصرية بتقديم الأدوية للدولة اللبنانية خلال فترة أزمة «كورونا»، وقامت مصر بإيفاد وزيرة الصحة السابقة شخصياً لتسليم هذه المساعدات في إطار قوة العلاقة التاريخية بين البلدين، والمستشفى تعالج جميع وافديها بغض النظر عن جنسياتهم أو طوائفهم.
إنّ العلاقة بين جمهورية مصر العربية ولبنان قوية ومتينة، لن يتمكن الحاقدون من تعكيرها. ومصر ليست بحاجة الى شهادة براءة من أحد… لأنها أساساً غير متهمة، ومواقفها ثابتة وراسخة في كل قضايا العرب… وهي تحاول دائماً أن تكون الدولة الراعية الواعية القادرة على استيعاب كل المشاكل العربية، ومحاولة حلّها بالتعاون مع الجميع من دون التحيّز لأحد…
إنّها أمّ العروبة الحنون وقلبها النابض الذي لا يقبل حتى ولو كلمة شكر من أحد، لأنه يعتقد انه يقوم بواجبه. إذ ان المستشفى تقدّم خدماتها الى جميع أفراد الشعب اللبناني من دون تفرقة… ووجود بعض الأيدي الخفية التي تسعى للاضرار والإساءة للدور الذي تقوم به المستشفى أمر واضح… فلماذا يُثار مثل هذا الأمر الآن..؟
الحريصون على إبقاء أقوى العلاقات بين مصر ولبنان، يعرفون أبعاد هذه القضية ومغزى إثارتها في هذا الوقت بالذات… وهم متأكدون كذلك أنّ الشعب اللبناني الواعي لا يمكن إلاّ أن يثمّن لمصر العروبة موقفها وخدماتها التي قدمتها ولا تزال للبنان.. ولا يمكن لأحد تجاهلها إلاّ إذا كانت نواياه مريبة.
وأخيراً، أقف متسائلاً أمام هذا التشويه المقصود لدور مصر لأقول: لماذا يخافون من مصر؟
The post لماذا يخافون من مصر؟ appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.