29 March, 2024
Search
Close this search box.
أين وصل مشروع الرقمنة في الجامعة الجزائرية؟
Spread the love

سؤال مهم وخاصة ونحن في عصر التحديات التي تواجه الجزائر, في مواكبة التطورات الدولية وتطوير رسالة الجامعة الجزائرية, وبعثها لتكون في مستوى الآفاق العلمية والتنموية والبشرية, ومصدر إشعاع فكري حضاري يخدم الوطن ويفتح أمامه مجالات التنمية, وتزوده بإطارات قادرة على إنعاشه علميا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا و فكريا وثقافيا ليكون في طليعة الدول المتطورة, والتي أصبحت بفضل العلم قوى دولية يحسب لها ألف حساب, فكم نحن بحاجة إلى جامعات تتكفل بهذا المسار العلمي الإشعاعي الحقيقي, الذي يصنع ثورة إطارات قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية, وتغيير وجهة الجزائر من الحسن إلى الأحسن بإذن الله.

في حوار مهم سابق حول “أهمية ودور استخدام الرقمنة وتكنولوجيا الاتصال تشرفت به مع الدكتور قتالي عبد الغاني , أستاذ محاضر بجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي, الذي  يعتبر من المساهمين بفكره النير في إثراء الفضاء الفكري  الجامعي والبحث العلمي في ميدان تخصصه, له رؤية تكنولوجية معاصرة  ذات أبعاد تقنية وخاصة في مجال تطوير الجامعة من التقليدي إلى الرقمي’ بحيث قال إننا “نتوسم خيرا من القرارات التي أتى بها وزير التعليم العالي كمال بداري مؤخرا والتي لمسنا منه نية كبيرة في إحداث نقلة نوعية في القطاع الجامعي”

 وأضاف قائلا : لقد “منحت تكنولوجيا الإعلام والاتصال آفاقا جديدة في التعليم الجامعي, زودت الأستاذ بتقنيات يمكن استخدامها في تعزيز التعلم وزيادة التحصيل العلمي لدى الطلبة الجامعيين.  لقد انتهجت الجامعة الجزائرية سياسة التوجه نحو الرقمنة واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتواكب التطورات المتسارعة في التكنولوجيا والاستفادة من تحويل تلك التقنيات في جميع الميادين والممارسات اليومية.

وقد عرف لنا الرقمنة قائلا : “هي العملية التي يتم عن طريقها تحويل المعلومات من شكلها التقليدي الحالي أي شكل رقمي سواء كانت هذه المعلومات صورة أو بيانات نصية أو ملف صوتي أو شكل آخر يمكن معالجتها بواسطة جهاز الحاسوب. أو أن الرقمنة هي عملية تحويل البيانات إلى شكل رقمي وذلك من أجل معالجتها باستخدام الحاسب الإلكتروني.

وحول أهميتها في المؤسسة الجامعية  قال هي: 1/  ضمان منتوج جامعي جيد المستوى للتعليم العالي في ضوء الجودة الشاملة.2/ البحث عن الحلول المناسبة للتقليل من العقبات والصعوبات التي تواجهها مختلف هياكلها البيداغوجية والإدارية.3/ أهمية معرفة الرهانات والتحديات التي تواجه الطالب الجامعي والطاقم البيداغوجي والإداري وذلك بغرض التحسين والتطور في المخرجات.4/ تعتبر الرقمنة مبادرة أصبحت لها قيمة متزايدة لمؤسسات المعلومات على اختلاف أنواعها  .5/ تتميز المجموعات الرقمية بسهولة الوصول إليها من قبل المستفيدين وإمكانية مشاركتها بين عدة مستفيدين في لوقت نفسه وبالتالي يمكن أن تستوعب الزيادة في إعداد المستفيدين وذلك بالمقارن بالمجموعات التقليدية ويتم ذلك من خلال نشر وإتاحة مجموعة من النصوص على الخط المباشر عبر الشبكة العالمية.

وحول تعميم الرقمنة في مختلف الجامعات و مستقبل الجامعة الجزائرية في ظل التحديات التي يفرضها الواقع المعاش وانعكاساته السلبية؟  قال : “الرقمنة أصبحت واقع مفروض في المؤسسة الجامعية الجزائرية منذ سنة 2018 تحت إشراف ومتابعة وزير التعليم العالي السابق عبد الباقي بن زيان ، وتعتبر جامعة المسيلة من بين الجامعات التي انتهجت سياسة التوجه نحو الرقمنة وتحت توجيهات مديرها السابق والوزير الحالي كمال بداري وراهن على أن تكون في الريادة وطنيا في مجال الرقمنة حيث ألزم الطلبة المقبلين على التخرج بتقديم أعمالهم بشكل أقراص مضغوطة وهو المشروع الذي أطلق عليه 00 ورقة .

ويضيف  قائلا  : “الرقمنة تم تعميمها بشكل كامل في كل المؤسسات الجامعية بداية من تسجيل الطلبة الناجحين في شهادة البكالوريا عن طريق المنصات الرقمية المخصصة لهذا الغرض ،كذلك تعميم تقديم الدروس عن بعد من قبل الأساتذة في الجامعات عن طريق ولوج الطلبة إلى منصة المودل وتحميل محاضرات كل مقياس يدرسونه. إلى جانب ذلك تخصيص منصة أرضية لترقية الأساتذة في مختلف الرتب وتسهل على الأساتذة إدراج النقاط ” منصة البروقرس

وحسب تقييمه للوضع العام أجاب : “على الجامعة الجزائرية إن تواكب التطورات والتغيرات الحديثة واستيعاب التقنيات الحديثة والولوج السريع في الرقمنة ونشر وتنمية الوعي بأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تقدم الدول. إن ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال تفرض علينا أن نتحرك بسرعة وفعالية لنلحق بركب هذه الثورة، لأن من يفقد في هذا السياق العلمي و المعلوماتي مكانته لن يفقد فحسب صدارته ولكنه يفقد قبل ذلك إرادته, مضيفا بقوله  “التوجه نحو الرقمنة في المؤسسة الجامعية الجزائرية مسألة لم تعد محل جدل فالتجارب الدولية للجامعات المعاصرة” أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن بداية التقدم الحقيقية هي الولوج إلى عالم الرقمنة عن طريق استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال و مالها من رصيد معرفي عبر منصاته وتحسين الخدمة في الجامعة الجزائرية.

وفي نفس السياق دائما وفي صلب الموضوع, عن السؤال المهم الذي هو محور هذا الموضوع ” أين وصل مشروع الرقمنة في الجامعة الجزائرية؟ ” أجاب الدكتور قتالي عبد الغاني :

إن الأهداف المسطرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر, هو بلوغ عدد من الأهداف في طليعتها تبيان دور التحول الرقمي في شتى إبعاده وقطاعاته وعلاقته بالعلوم المختلفة سيما ونحن نواكب القرن الواحد والعشرين الذي جاء معه حاملا عصرا جديدا في ظل ثورة الاتصال والمعلومات ، تلك الثورة التي لن تتوقف مع استمرار عملية الابتكار والتغير والذكاء الاصطناعي ،وبالتالي التحديات المثارة في الجامعة الجزائرية على مستوى استخدامات وتأثيرات الرقمنة وأدوارها في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي ،وكذلك في مجال إدارة الأعمال والاقتصاد الرقمي ، وصولا إلى تقديم الرؤى والاستراتيجيات واستشراف المستقبل.

ـ لقد أكد وزيرا لتعليم العالي والبحث العلمي كمال بيداري بأن الرقمنة تعتبر وسيلة من أجل الارتقاء بالتعليم العالي والبحث العلمي وإعطاء مرئية أكبر للمؤسسات الجامعية ،وجعل الجامعة منفتحة على الطلبة الوافدين من دول أخرى .وتأتي الرقمنة تجسيدا للمخطط الرسمي للقطاع،حيث تم انجاز 09 منصات موزعة على المحاور الإستراتيجية لهذا المخطط ،وتم تفعيلها وهي : منصة الدفتر التوجيهي المرجعي ” التكوين، الشغل” ، منصة متابعة المشاريع المبتكرة ، منصة سينما الجزائر. حيث يستفيد منها كل من التلاميذ المقبلين على امتحان شهادة البكالوريا ، فرق التكوين ، الجماعات المحلية ، الوزارة الوصية .
 ـ وبخصوص محور الرقمنة كدعامة للإدارة الحديثة ،عرف إطلاق منصتين وهما : منصة تقييم الباحثين الدائمين ،منصة الترشح لمدير الخدمات الجامعية ،ومنصة متابعة الممتلكات الخاصة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي.
– أما بخصوص العلاقات الوطنية والدولية ، و لجعل الجزائر وجهة للطلبة الدوليين ،فقد شهد تفعيل منصة الطالب الأجنبي وذلك لتسهيل عملية تسجيل الطلبة الأجانب بالمؤسسات الجامعية الجزائرية ،يضاف إليها منصة شبكة التواصل لخريجي الجامعة الجزائرية، وهي أول شبكة تواصل لقدماء الطلبة المتخرجين من الجامعات الجزائرية، وهذا لنقل خبراتهم وتجاربهم الناجحة ومعرفة وضعياتهم المهنية، كما تم وضع برمجة خاصة لكشف السرقات العلمية.
– ولقد عملت وزارة التعليم العالي على إبرام عدة اتفاقيات أهمها اتفاقية لدعم وتنمية المقاولاتية في الوسط الجامعي ، حيث شملت هذه الاتفاقية المديرية العامة للبحث العلمي والتطور التكنولوجي والوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية المنتشرة عبر المؤسسات الجامعية . وتتلخص هذه الاتفاقية في ثلاث نقاط وهي : المقاول الحقيقي، التكوين ، الاستحقاق، هذه النقاط سوف تسمح بالتوجه نحو ثقافة الجودة في انتقاء المقاولين ، خاصة وأن الدولة تبذل مجهودات كبيرة لتوجيه الطالب الجزائري نحو المقاولاتية وحرية الفكرة والمبادرة والابتكار.
– عرض الأفكار والمشاريع المبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث تعد جسرا لنقل التكنولوجيا إلى الوسط الاقتصادي والاجتماعي ، إذ تم تدشين أول دار للذكاء الاصطناعي بجامعة قسنطينة ، كما تم وضع حجر أساس للمؤسسات الناشئة والابتكار والبحث العلمي .

ـ أما على مستوى ” جامعة الشهيد العربي بن مهيدي ام البواقي” أنموذجا ” وتجسيد لشعار” تحقيق إدارة عصرية و تعزيزا  للجانب الخدماتي للطلبة والأساتذة والإداريين تتماشى ومتطلبات القطاع ” فكانت السباقة في تجسيد برنامج الوزارة حول الرقمنة ودورها في جودة التكوين والبحث العلمي. وقد أبدت جامعة أم البواقي أهمية وأولوية كبيرة لتطبيق الرقمنة وبإشراف ومتابعة مباشرة ومستمرة من قبل مدير الجامعة ” البروفيسور زهير ديبي ” حيث عمل على :
– تغيير جذري للمواقع الالكترونية للكليات ونيابة مديرية الجامعة حيث أصبحت تكتسي حلة جديدة وعصرية بواجهة مميزة ومستوى أماكن اكبر وسرعة استجابة أعلى ، مع تخصيص فضاءات للطلبة والأساتذة ،وكذلك الملتقيات العلمية والنشاطات البحثية.
– إلى جانب ذلك الشروع في برمجة أيام دراسية حول الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ، وخلق ديناميكية في وسط الطلبة الجامعيين من فعاليات ومسابقات وطنية للنوادي العلمية حول أحسن مشروع مؤسسة ناشئة وتقييم ابتكارات الطلبة الجامعيين.
– مشاركة الأساتذة الباحثين من جامعة أم البواقي في ورشة بحث حول الحلول التكنولوجية الحديثة لفائدة البناءات الحديثة والتكنولوجيا الجديدة ” بيلتاك ” والتي لاقت الثناء من طرف الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث والتطوير التكنولوجي ، كما تم إطلاق منصة رقمية لإحصاء ومتابعة خريجي جامعة ام البواقي من اجل تسهيل إدماجهم في عالم الشغل ومتابعة التخصصات التي تمنح فرص أكبر للشغل.
– إصدار أخر نسخة من تطبيق بوابة الطالب الخاصة بالموبايل ” واب تو” ،تمكن الطلبة المسجلين للاطلاع على المعلومات الخاصة بمسارهم الدراسي بصفة آنية ودون عناء التنقل، كذلك عملت الجامعة على مرافقة الطلبة المسجلين في إطار القرار الوزاري رقم 1275 مذكرة تخرج مؤسسة ناشئة ،براءة اختراع،حاضنة الإعمال ، دار المقاولاتية، النوادي العلمية ، عن طريق برمجة دورات تكوينية لهم .
– التطبيق الفعلي لقرار صفر (00) ورقة في المناقشات الخاصة برسائل الدكتوراه كمرحلة أولى على مستوى معاهد وكليات جامعة ام البواقي ن حيث ناقشة طالبتان لرسالة الدكتوراه في تخصص العلوم الإنسانية والاجتماعية بصفر ورقة وتوظيف تكنولوجيات الإعلام والاتصال في المناقشة.
ما هو دور الرقمنة في إدارة جودة التكوين في قطاع التكوين والتعليم العالي ؟
إن معرفة مفهوم إدارة الجودة الشاملة سيساهم في تحديد مدى تحقيق المؤسسات التعليمية بالجامعات لأهدافها وتحديد جوانب القوة لتعزيزها، وجوانب القصور للعمل على التغلب عليها .وتكمن دور الرقمنة في جودة التكوين عبر قطاعات التعليم العالي فيما يلي:
ـ  سرعة التحول الرقمي في البحث العلمي.
ـ  تنوع مهارات البحث العلمي في البيئة الرقمية.
ـ  تنمية الوعي المعلوماتي الرقمي للباحثين.
ـ  الحد من السرقات العلمية والانتحال العلمي في الوسط الجامعي.
ـ  وضع إستراتيجية مقترحة لتطوير قطاع التعليم العالي في ضوء التكنولوجيا وشبكات التواصل والذكاء الاصطناعي.
ـ  رؤى التفكير في خلق منصات رقمية بما يتطلب ويتوافق وتطلعات الأسرة الجامعية.
ـ  الدراسات الاستشرافية لتوجيه الوسائل والبرامج الإعلامية نحو التنمية الشاملة للفرد والمجتمع .
ـ  وضع إستراتيجية شاملة مقترحة لنشر ثقافة الاستعمال الجماعي الإيجابي للتقنيات الرقمية.
خلاصة المقال:
إن تجسيد الرقمنة في المؤسسة الجامعية وتحولها نحو الجودة ضرورة إستراتيجية تفرضها تحديات عصر المعلومات المتسم بالتغير السريع الذي يتطلب من الجامعة تحسين كفاءة وفعالية عملياتها الإدارية والتعليمية، من اجل أن تكون أكثر قدرة الاستجابة مع هذه المتغيرات لتحقيق احتياجات وتطلعات المستفيدين من خدماتها ونظامها التعليمي.

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات