24 April, 2024
Search
Close this search box.
إدارة بايدن… والمشرع الإيراني في اليمن
Spread the love

بقلم خيرالله خيرالله

يبدو اليمن من الأماكن التي تستطيع فيها الإدارة الأميركية إيجاد فارق وتأكيد جدّيتها في اصلاح سلسلة من الأخطاء ارتكبتها في الماضي. هذه احدى الخلاصات التي يمكن الخروج بها من زيارة الرئيس جو بايدن للمملكة العربيّة السعوديّة والقمم التي عقدها في جدّة والتي قال في اعقابها ما معناه ان على اميركا سد الفراغ الذي يمكن ان ان تملأه روسيا والصين.

عقد الرئيس الأميركي في جدّة محادثات مع غير مسؤول خليجي وعربي، خصوصا الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد السعودي الذي لدى بلده اهتمام خاص بإيجاد حلّ سياسي في اليمن.

في ضوء جولته التي شملت إسرائيل والسعوديّة، وبينهما توقف في بيت لحم في الضفّة الغربيّة المحتلة، يُفترض في الرئيس الأميركي أن يكون تعلّم شيئا عن اليمن وتعقيداته. ليس مضمونا ان يكون ذلك حصل في وقت يظهر أن تمديد الهدنة اليمنيّة التي بدأت في نيسان – ابريل الماضي الخبر المفرح الوحيد  الآتي من اليمن.

في اثناء الهدنة، تغيرت أمور كثيرة. من بين ما تغيّر قيام مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي مع ما يعنيه ذلك من تفعيل ما بقي من إدارة يمنيّة، فضلا عن التخلّص من رئيس مؤقت لم تكن من حاجة له في يوم من الأيّام. على العكس من ذلك، كان عبد ربّه منصور هادي من بين الأسباب التي جعلت الحوثيين (جماعة انصار الله) يتقدمون على معظم الجبهات ويحكمون حصارهم لمدينة مأرب فضلا عن استمرار الجمود في تعز. لم تلتقط مأرب انفاسها مجددا إلّا بعد تدخل قوات العمالقة في كانون الثاني – يناير الماضي وتحريرها مناطق في محافظة شبوة من «جماعة انصار الله» وكسرها للطوق المفروض على المدينة.

لا شكّ ان المبعوث هانس غروندبرع، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، يبذل جهودا كبيرة من اجل استمرار الهدنة ستة اشهر أخرى ومن اجل ان تكون مقدمة لمفاوضات ذات طابع سياسي يشارك فيها الحوثيون الذين يتبيّن كلّ يوم اكثر انّهم ليسوا سوى أداة ايرانيّة.

بات في الإمكان ادراج الهدنة في باب الضرورة الحوثيّة، أقلّه في المدى المنظور، لكنّ ليس ما يضمن أن تكون الهدنة بوابة لولوج حلّ سياسي في اليمن البلد الذي فقد كل مقومات وجوده كدولة موحّدة منذ العام 2011. حصل وقتذاك انقلاب نفّذه الإخوان المسلمون على نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ذي الحسنات الكثيرة والسيئات الكثيرة أيضا. استغلّ الإخوان المسلمون، يمثلهم حزب التجمع اليمني للإصلاح، ما سُمّي «الربيع العربي» للإنقضاض على نظام علي عبدالله صالح الذي عانى في السنوات الأخيرة من حكمه من تحولّه إلى شخص مزاجي في ظلّ حروب مستمرّة مع الحوثيين بدأت في العام 2004.

كلّ ما فعله الإخوان المسلمون انّهم سهّلوا التخلص من علي عبدالله صالح من دون ادراك للأبعاد التي ستترتّب على ذلك على صعيدين. الصعيد الأوّل ان الوحدة اليمنيّة كانت مرتبطة بالرجل وبوجود مركز للقرار في صنعاء. أمّا الصعيد الآخر، فهو يتمثّل في عدم استيعاب انّ كلّ ما قاموا به يصب في خدمة الحركة الحوثيّة والمشروع الإيراني لا اكثر.

تكمن الأزمة اليمنيّة، إلى اشعار آخر، في أنّ لا جواب عن أي سؤال يتعلّق بما تريده ايران باستثناء انّها تعتبر تحويل شمال اليمن إلى قاعدة صواريخ ومسيّرات تابعة لها. ما حقّقته إلى الآن هو بمثابة إنجاز ضخم لـ»الجهوريّة الإسلاميّة» في شبه الجزيرة العربيّة.

ماذا ستفعل ايران بقاعدة الصواريخ والمسيّرات التي باتت تمتلكها في اليمن؟ هذا هو السؤال الكبير الذي طرح نفسه قبل  مجيء الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربيّة السعودية وبعد حصول الزيارة.

ليس معروفا هل لدى الإدارة الأميركيّة جواب عن هذا السؤال الذي لا يهمّ السعودية فحسب، بل كلّ دولة من دول الخليج العربي أيضا. ما هو ثابت انّ هناك استخفافا اميركيا باهمّية ما يدور في اليمن، خصوصا بالنسبة إلى المملكة العربيّة السعوديّة في وقت تريد المملكة فعلا الإنتهاء من حرب ذات طبيعة دفاعيّة اصلا.

على الرغم من التغيير النوعي الذي طرأ على الوضع الداخلي اليمني، يبقى الخوف الكبير في اليمن من المشروع الإيراني. إنّه المشروع الوحيد الذي يتقدّم من دون ان تدرك الإدارة الأميركيّة ذلك. لا تدرك الإدارة، خصوصا، ان «الجمهوريّة الإسلاميّة» غير مهتمّة على الإطلاق بما يحلّ باليمنيين بمقدار ما انّها تعتبر بلدهم ورقة في المفاوضات الهادفة إلى عقد صفقة مع «الشيطان الأكبر» لرفع العقوبات الأميركيّة عنها.

هل بدأت إدارة بايدن تعي هذا الواقع الذي يُفترض ان يجعلها تسأل، أو اقلّه محاولة معرفة، ما الذي تريده ايران من اليمن وهل هناك اهتمام حوثي حقيقي بحلّ سياسي في ظلّ موازين القوى العسكريّة القائمة الآن؟

يبدو مثل هذا النوع من الأسئلة اكثر من ضروري  في حال كانت الإدارة الأميركيّة تسعى بالفعل إلى استيعاب الخطر الناجم عن تمديد الهدنة بشكل مستمر بما يسمح للحوثيين بإعادة بناء قوتهم العسكرية. يحصل ذلك في وقت يبدو في كلّ يوم انّ ثمّة حاجة إلى تغيير للوضع على الأرض. يمثل مثل هذا التغيير الذي تحتاج إدارة بايدن إلى فهمه، ضرورة  لا بدّ منها في حال كان مطلوبا الوصول إلى حلّ سياسي يوما.

في النهاية، لا وجود لهدنة من اجل الهدنة في وقت يستهدف الحوثيون من إعادة بناء قوتهم العسكرية وارتكاب مزيد من الإعتداءات في مناطق يمنيّة محددة، بما في ذلك تعز ومأرب. إذا كان من نصيحة إلى إدارة بايدن، فإنّ هذه النصيحة تتعلّق بالهدف الإيراني في اليمن. الهدف خلق امر واقع وتكريس وجود كيان سياسي تابع لـ»الجمهوريّة الإسلاميّة» في شبه الجزيرة العربيّة. هل اعي إدارة بايدن، التي تدعي انّها تغيّرت، ابعاد هذا الخطر على كلّ دولة خليجية وعلى الاستقرار في احدى المناطق الحيوية في العالم؟

The post إدارة بايدن… والمشرع الإيراني في اليمن appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات