29 March, 2024
Search
Close this search box.
الدولة الفاسدة تنتج قضاءً فاسداً
Spread the love

الدولة   الفاسدة  تنتج   قضاءً  فاسداً !

و القضاء  الفاسد  ينتج  ظلماً  و جوراً !  

والظلم والجور ينتج الفوضى والتطرف!

السلطة القضائية  تلفظ أنفاسها الاخيرة! إن ما يجري في لبنان في الآونة الأخيرة من مشاهد مذرية في الجسم القضائي يعتبر قمة الفساد و الانهيار. بلد يتحكم به طغاة فاسدون جعلوا منه دولة منهارة و فاشلة بمصاف الدول البوليسية و الفقيرة، و ذلك بعد ان فقدت الدولة اللبنانية كل مقومات مفهوم دولة القانون: الدولة التي تقوم على سيادة الدستور الوطني وتضمن السلامة والحقوق الدستورية لمواطنيها.

لا حقوق للمواطن اللبناني الذي يطالب بالعدالة و بتطبيق القانون. و ما نشهده على الساحة اللبنانية من ظلم و انتهاك للحقوق المدنية و الانسانية مناف لدولة القانون، لدولة العدل، اذ يعتقل و يلجم كل من يطالب بحقه. أين دور الدولة التي تقتصر سلطة الدولة في دولة القانون على حماية الأفراد فيها من الممارسات التعسفيّة للسلطة، حيث يتمتّع المواطن في ظلّ هذه الدولة بالحريّة المدنيّة بشكلٍ قانوني، ويتمكّن بموجبها من استخدامها في المحاكم. ناهيك عن الهيمنة على الجسم القضائي.

القاضي طارق البيطار المحقق العدلي اللبنانيّ المعروف بصدقه ونزاهته، أوكل إليه مجلس القضاء الأعلى إجراء التحقيق حول خلفيّات انفجار 4 آب 2020 في مرفأ بيروت الذي تسبّب بدمار العاصمة بيروت و بمقتل اكثر من 218 شخصًا وبجرح 7000 آخرين.

بعدَ أن كُفَّتْ يديه عن التحقيق لمدة تجاوزت السنة، بسبب لجوء بعض المسؤولين والنواب و الوزراء المتّهمين إلى القضاء بتقديم طلبات رد في حقه ، قرّر في 23 كانون الثاني ٢٠٢٣  إعادة ملف التحقيق في أنفجار مرفأ بيروت الى الواجهة، لاستئناف تحقيقاته في اكبر جريمة وذلك حسب الإجراءات القضائية المتبعة  قانونياً .

كان البيطار صاحب الضمير الحي قد وعد سابقاً اهل الضحايا انه لم ولن يتنحى عن واجبه المهني وها هو يفي بوعده، الا ان القضاة المأجورون لم يحلو لهم تنفيذ الادعاءات على عدد من السياسيين و الامنيين و القضاة.  للأسف الشديد عدنا الى حالة الصفر الى الكباش القضائي، اذ منذ ذلك الحين و القاضي البيطار يواجه أشد الهجوم من دولة أوليغارشيّة “ oligarchy “ تحاول بشَتّى السُبُل نزع الشرعيّة عنه ومنعه من مواصلة التحقيق.

أين هو  مبدأ فصل السلطات الثلاث التشريعية ، التنفيذية و القضائية. و لا سيما في استقلال السلطة القضائية التي تعتبر اساس مرتكزات النظام الديموقراطي، كما ان استقلال القضاء عنصر اساسي ومهم جداً لتجنب التدخلات السياسية و الحزبية واصحاب النفوذ. لذا على القاضي ان يكون حراً مستقلاً بآرائه و قراراته و ادعائاته دون ان يخضع لأي هيمنة او سيطرة عليه، كما من واجباته القضائية و القانونية ان يحكم بعدل و نزاهة و تجرد كامل. لكن ما يحدث في الجسم القضائي هو العكس تماماً، في بلد كلبنان قائم على منطق المحاصصة والتسويات، يخضع فيه القضاء لتجاذبات سياسية وضغوط من قوى نافذة، و تدخل مباشر و علني من السياسيين و القضاة المأجورين و الخاضعين طاعة و ولاء للفاسدين. إذ ان المنظومة الفاسدة تتحكم في السلطة القضائية في لبنان و تحرك أزلامها لتلجأ الى المستحيل للوقوف امام سير العدالة و عرقلة التحقيقات في ملف مرفأ بيروت.

في ظل هذه المعمعة القضائية كيف ينظر الينا المجتمع الدولي؟ هذا ان كان يرانا ! 

المؤسف ان هناك تخاذل دولي واضح عن التدخل و المساعدة في التحقيق في جريمة ضد الانسانية, في جريمة مفتعلة وليس حادثاً قضاء و قدر. خصوصاً أن هذا التخاذل صادر من دول كبرى تتدعي مساعدة لبنان كفرنسا و اميركا و تنادي بالعدالة و بالحقوق الانسانية. والدليل الفاضح على هذا التقاعس من قبل هذه الدول عدم تسليم لبنان صور الاقمار الاصطناعية المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت. مما قد يساعد في توفير معلومات إضافية يمكن أن تفيد التحقيق القضائي في الجريمة، ربما قد تؤدي الى معرفة الحقيقة و كشف هوية المرتكبين.

كان قد طالب بها مراراً رئيس الجمهورية السابق ميشال عون من عدة دول : فرنسا، أميركا، روسيا، ايطاليا. لكن لم يلقى جواباً! أين هي صور الاقمار الاصطناعية؟ لماذا لم يتم تزويد الدولة اللبنانية بها للوصول الى تحقيقات شفافة؟ و لتحدبد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ؟ من المؤكد انه يوجد ” قطبة مخفية”

لقد سئم اللبنانيون فداحة الوضع الذي انتهك حرمات القضاء.

إذ ما يحدث على المستوى القضائي أمر خطير، المطلوب دعم القضاء محلياً و دولياً، والعمل من اجل استقلاله و بسط سلطته، لأن القضاء العادل هو الضامن الأول و الاخير لحفظ الديمقراطية وصيانة مبادئ الدولة وحقوق المواطنين. الواجب الوطني يحتم على الجميع التعاون الى اقصى الحدود مع قاضي التحقيق عوضاً عن محاربته كما يحصل حالياً لعرقلة المسار الذي يعمل عليه البيطار. فمسار الوصول الى الحقيقة سيكون حتماً طويلاً و شائكاً لاعتبارات سياسبة محلية و دولية.

العدالة دون قوة عاجزة و القوة دون عدالة طاغية!

التاريخ

عن الكاتب

المزيد من
المقالات