24 April, 2024
Search
Close this search box.
بالوقائع والأدلة رياض سلامة بريء من مجزرة انهيار الليرة وأموال المودعين 10
Spread the love

خلال شهر حزيران من العام ٢٠١٩ أي قبل أربعة أشهر من اندلاع انتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين الأول واستقالة الرئيس سعد الحريري بدأ الحديث في الكواليس السياسية المغلقة عن وجود قرار متخذ على أعلى المستويات لامتناع لبنان عن الوفاء بالتزاماته المالية الدولية وعدم دفعه استحقاق اليوروبوند البالغ مليار و٢٠٠ مليون يورو في أيار من العام ٢٠٢٠. يومها حصلت على الأثر اتصالات مباشرة مع الرئيس بري ومع حزب الله حيث تم وضعهما بأجواء هذا “الهمس الخطير” وجرى تنبيهما لخطورته في حال الذهاب الى هذا الخيار والعمل على منع تحقيقه وافشاله لانه اذا نفذ سيكون مقتلا لـ”سعر صرف الليرة” أمام الدولار حيث سيعتبر لبنان آنذاك “دولة ممتنعة عن الدفع” وهذا يعني باللغة الديبلوماسية “دولة مفلسة” وفق المصطلح المالي الدولي. وكذلك تم وضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهذه الأجواء التي استهجنها وقال معلقا بانه لا يوجد مسؤول عاقل يمكن أن يوافق على مثل هذه الخطوة الخطيرة. وقام بدوره على الفور وبعيدا عن الاعلام إجراء الاتصالات اللازمة مع كبار المسؤولين لاحباط هذا التوجه قبل الوصول اليه لخطورته على مستقبل الوضع النقدي ككل في البلد. وكذلك الأمر حصل مع الرئيس سعد الحريري الذي وضع في أجواء هذه المعلومة وكان جوابه بأن مثل هذه الخطوة لا ولن تمر طالما هو على رأس الحكومة. كما تم وضع بعض الجهات المصرفية الفاعلة بأجواء هذه المعلومة الخطيرة التي استنفرت هي أيضاً وقامت باتصالاتها الهادئة مع ما يلزم من أصحاب الشأن حيث تم تحذير هؤلاء من مغبًة هذا الأمر وأبعاده السلبية على الليرة وقيمتها أمام الدولار. وبعد عشرة أيام على اندلاع انتفاضة الحراك المدني على أثر زيادة حكومة الحريري ست سنتات على تعرفة الواتس اب زار وفد من جمعية المصارف الرئيس الحريري في منزله ببيت الوسط الذي حذره أعضائه من خطورة ما يتم تداوله في الخفاء عن احتمال اتجاه لبنان للامتناع عن دفع استحقاق اليورو بوند في أيار من العام ٢٠٢٠ فكان تأكيد قاطع منه لوفد الجمعية ان هذا الأمر اذا كان صحيحا فانه لن يقبل بحدوثه ولن يدعه يمر مهما كان الثمن طالما هو رئيسا للحكومة.
وبعد أيام توجه وفد جمعية المصارف للقاء الرئيس بري أيضا للغاية نفسها ليفاجأوا به يقرأ عليهم فور جلوسهم في مقاعدهم خبر استقالة الرئيس الحريري الذي نزل عليهم كالصاعقة نتيجة خوفهم مما كانوا قد سمعوه بالخفاء عن احتمال امتناع لبنان عن دفع استحقاق اليورو بوند خاصة وأن الحريري كان طمأنهم بأنه لن يسير بالأمر طالما هو على رأس الحكومة. وسمع وفد الجمعية من الرئيس بري التأكيد ذاته الذي كانوا قد سمعوه من الرئيس الحريري بأن هذا الأمر لا يمكن أن يقبل به أو يسمح بتمريره حرصا على الوضع النقدي بالبلد. وبعد تشكيل الرئيس حسان دياب لحكومته مطلع العام ٢٠٢٠ على أثر ذهاب المشاورات النيابية في قصر بعبدا باتجاه تكليفه زاره وفد الهيئات الاقتصادية بمن فيهم ممثل جمعية المصارف الدكتور جوزف طربية في السراي مهنئاً، وخلال اللقاء انبرى طربية بتحذيره من احتمال توجه لبنان للامتناع عن دفع استحقاق اليوروبوند كما يحكى همساً في الكواليس السياسية المغلقة ليرد عليه دياب بنبرة رجل الدولة المسؤول الرافض لهذه الخطوة جملة وتفصيلا لأنه يدرك خطورتها على سمعة لبنان الدولية ماليا ويعرف مدى تأثيرها السلبي على سعر صرف الليرة أمام الدولار الذي لن يكون هناك سقف لتدهوره في حال الذهاب للامتناع عن الدفع حسب قوله للوفد. فترك كلامه ارتياحاً لدى أعضائه الذين بعد خروجهم من مكتبه عمموا موقفه المطمئن هذا على كل المسؤولين في القطاعات الانتاجية والاقتصادية والمالية والمصرفية في البلد. لكن لا بد من الكشف عن الحوار الطريف الذي حصل بين شقير وطربية بعد لقائهم دياب حيث خاطب الأول الثاني قائلا له : ضروري ترعبوا للزلمي بهيك خبرية وما صرلوا بالقصر من مبارح العصر. ليرد الثاني عليه: ينرعب هويي ولا ينرعب البلد.
وبعد أيام على زيارة وفد الهيئات الاقتصادية لدياب خرجت بعض الأصوات السياسية والاعلامية تدعو جهارا الى ضرورة امتناع لبنان عن دفع استحقاق اليوروبوند وتحث حكومة دياب على أتخاذ هذا القرار فما كان من سلامة الا الذهاب لدياب وحذره من خطورة امتناع لبنان عن دفع استحقاق اليورو بوند في أيار وعرض عليه خريطة طريق تساعد على الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة وتعيد العلاقة بين المصارف ومودعيها الى ما كانت عليه قبل انتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ تقوم على التالي:
١- دفع فائدة سند اليوروبوند في آذار مع تأجيل استحقاقه الى العام ٣٩ مع باقي سندات اليوروبوند المستحقة في ذلك التاريخ.
٢- الذهاب للأسواق المالية الدولية وإعادة حسم سندات اليوروبوند في السوق مع تأجيل جميع استحقاقاتها من العام ٢٠٣٩ لغاية عام ٢٠٤٩ وجلب ما قيمته ٢٥مليار دولار للبلد الذي كانت سوقه المالية آنذاك تحتاج فقط لنحو ثلاث أو أربع مليارات دولار لا أكثر لتعود الى عافيتها وللامانة وافق الرئيس دياب على طرح سلامة وأبلغه امهاله يومين للرد عليه بعد تداوله للأمر مع معاونيه ووزرائه المعنيين. خرج سلامة من عنده مطمئنا لموقفه كما خرج وفد الهيئات الاقتصادية مطمئنا عند زيارته له للتهنئة قبل أيام التي سبقت زيارة سلامة له. لكن في اليوم التالي شنت حملة عشواء على سلامة شخصيا تدعو لاقالته وتحث دياب وحكومته تحت ضغط الشارع للذهاب الى اتخاذ حكومته قرار الامتناع عن الدفع. وهكذا حصل حيث أبلغ دياب سلامة تراجعه عن موقفه الداعم لطرحه بسبب عدم تجاوب باقي المسؤولين معه. فرد عليه سلامة إذاً، فلتتحملوا أنتم مسؤولية سقوط الليرة وتدهور الوضع النقدي. وهذا ما كان فكانت “مجزرة اعدام الليرة” بقرار همايوني غير مسؤول قامت به حكومة دياب بعراضة اعلامية مضحكة أقل ما يقال فيها إنها كانت عراضة جهل وتخلف وتآمر أخذت لبنان واللبنانيين الى “جحيم” التدهور النقدي حيث نقلت سعر صرف الليرة أمام الدولار بأقل من ساعات معدودة من ١٦٠٠ ليرة الى ٤٨٠٠ ليرة دفعة واحدة ومن يومها بدأت “مجزرة” انهيار الليرة وتدحرجها نزولا. وكلنا نعرف كيف تصرف دياب وبعض وزرائه ومستشاريه الماليين مع سلامة بازدراء وعدم احترام بالتزامن مع الحملة الشرسة والمبرمجة التي شنت عليه والتي كانت بمثابة قنبلة دخانية لتعمية بصيرة الناس عن القاتل الحقيقي لليرة وتجهيل الدور السلبي والخطير لحكومة دياب في مجزرة انهيار الوضع النقدي وتحميله للحاكم عبر اجباره على دعم المشتقات النفطية والأدوية والسلع الغذائية، ما تسبب بخسارة مصرف لبنان لحوالى ١١مليار دولار من احتياطه والذي ذهب معظمه لجيوب التجار من محتكري البنزين والمازوت والدواء والقمح والسكر المدعومين من قوى الأمر الواقع في ٨ و١٤ آذار والتيار الوطني الحر. ولم تنتهِ المهزلة القاتلة عند هذا الحد اذ عندما استقال دياب وكلف ميقاتي بتشكيل الحكومة تلقى الدكتور جوزف طربية اتصالاً هاتفياً من الرئيس دياب الذي عاتبه فيه لأنه لم يزره طوال ثمانية أشهر من عمر حكومته. فقال له قبل أن تبلغني عن عتبك علي أنا الذي يجب ابلاغك ليس عتبي عليك فقط بل زعلي منك على نكثك بوعدك لنا عندما زرناك كوفد الهيئات الاقتصادية للتهنئة. فقال لطربية لا نستطيع التحدث على الهاتف فهل تقبل دعوتي لفنجان قهوة غدا. وهكذا كان التقى طربية دياب في اليوم التالي وعاتبه بشدة قائلا له: انت زعلان مني لأنني لم أزرك طوال ثمانية أشهر من عمر حكومتك ، بينما الذي زعلان منك هو أنا. فقال له دياب لماذا؟ أجابه طربية: أتينا وفد الهيئات الاقتصادية لزيارتك وتهنئتك بتشكيل الحكومة وقمت شخصيا بتحذيرك وتنبيهك عبر الكشف لك عن وجود قرار متخذ قبل تشكيل حكومتك بالتوجه لامتناع لبنان عن دفع استحقاق اليروربوند. فأجبتنا ان هذا القرار خطير وأنا لن أقبل بالسير به اذا وجد لأنه يؤثر على الوضع النقدي سلبا ويؤدي الى تدهور خطير بسعر صرف الليرة وغادرنا يومذاك ونحن مطمئنون ومرتاحون لموقفك. لنفاجىء بك بعد أسابيع تعلن أنت شخصيا باسم حكومتك قرار الامتناع عن الدفع حيث نكثت بوعدك لنا وأخذت وحكومتك قراراً قاتلاً بحق لبنان وشعبه لن يرحمكم عليه التاريخ. أجاب دياب طربية: كان هناك قرار أكبر مني لم أستطع مواجهته. قال له طربية: إذاً، بين الحفاظ على نفسك وبين الحفاظ على لبنان واللبنانيين ذهبت الى الخيار الأول بالحفاظ على نفسك وليس الحفاظ على اللبنانيين وحماية ليرتهم وجنى عمرهم في المصارف لتحمي نفسك من بطش الجهة التي كانت تقف وراء القرار والتي وصفتها لي بأنها أكبر منك بكثير ولم تستطع مواجهتها.
يتبين مما تقدم وفق سرد هذه الوقائع الخطيرة وكشفها للبنانيين لأول مرة ما يلي:
أولا: أن رياض سلامة بريء من دم مجزرة سقوط الليرة. وأن كل الحملات الظالمة التي شنت عليه كانت مقصودة للتعمية على الاثم الذي ارتكبه دياب وحكومته.
ثانيا: رياض سلامة كان يملك القدرة للحفاظ على الاستقرار النقدي وابقاء سعر صرف الليرة بحدود الـ١٥٠٠ وحماية أموال المودعين لكن دياب وحكومته منعاه من ذلك تحت ضغط القرار الكبير الذي كشف عنه دياب شخصيا لطربية والذي كان أكبر منه.
ثالثا: بعد الذي كشفه دايفيد شنكر من دور له ولبلاده في الانهيار النقدي والوضع المصرفي والمالي المأزوم في لبنان وتنزيل تصنيف لبنان الائتماني نستنتج أنه هو الجهة التي كان يقصدها دياب لطربية والتي وصفها له بأنها أكبر منه وهي التي كانت وراء اتخاذ حكومة دياب قرار امتناع لبنان عن دفع استحقاق اليوروبوند.
رابعا: وهذا يعني إما أن باقي المسؤولين كالرئيسين عون وبري ومعهما وزرائهم المعنيين ومن خلفهم حليفهم حزب الله كانوا كدياب على علم بوجود مثل هذا القرار الكبير الذي لا يستطيعون مواجهته، وبالتالي يتحملون جميعهم كامل المسؤولية في مجزرة سقوط الليرة وانهيار الاستقرار النقدي وضرب جنى عمر اللبنانيين، وتلك مصيبة كبرى.. واذا لم يكونوا هم على علم بالأمر وقد نجح معاونوهم الموثوقون من قبلهم من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين وخبراء ماليين واقتصاديين ومصرفيين باقناع عون وبري ودياب ومعهم باسيل وحزب الله بالذهاب لاتخاذ قرار امتناع لبنان عن دفع استحقاق اليوروبوند في أيار فتلك مصيبة أكبر. حيث أخذوا البلد آنذاك الى الخراب النقدي والمصرفي وكانت حجتهم حاضرة لتغطية جريمتهم وتآمرهم وهي تحميل انهيار الليرة وسقوط الاستقرار النقدي للهندسات المالية لسلامة ولسياساته النقدية. وهذا يعني أن هؤلاء المساعدين استغلوا ثقة رؤسائهم وقياداتهم بهم وهم كانوا فعليا بمثابة عملاء متخفين لدايفيد شنكر ينفذون توجيهاته سرا في اقناع قياداتهم ورؤسائهم بصوابية قرار الامتناع عن الدفع، وبأن سلامة هو المسؤول عن خراب البصرة نتيجة هندساته المالية وسياساته النقدية وصوروه للبنانيين بأنه هو الشر بعينه.
خامسا: بناء على ما تقدم، هذا الأمر يتطلب من الرئيسين عون وبري ومعهما والى جانبهما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقيادة حزب الله (وعلى الرئيس دياب أن يفعل الأمر نفسه كذلك ولو أصبح خارج السلطة) مساءلة كل المعاونين من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين ماليين وخبراء نقديبن يعملون عندهم وكانوا حاضرين خلال حكومة دياب والذين نصحوهم بالذهاب الى خيار الامتناع عن الدفع وفق ما كشفه الرئيس دياب لطربية ومحاسبتهم ومحاكمتهم والاستغناء عنهم في المواقع التي يشغلونها كمستشارين وخبراء مال وتحميلهم كامل المسؤولية عن هذه الخيانة الوطنية ضد ليرة اللبنانيبن ومدخراتهم في المصارف خدمة لمخطط شنكر في انهيار لبنان نقديا وافقار بيئته الوطنية لتركيع حزب الله. فكانت النتيجة أنهم أسقطوا اللبنانيين بفقرهم ولم يستطيعوا اسقاط حزب الله.
سادسا: بعد أن يقوم عون وبري وباسيل وحزب الله بمحاسبة معاونيهم الذين كانوا الى جانبهم خلال حكومة دياب وطردهم ومحاسبتهم وادخالهم السجن. نتمنى على كل المعنيين وقف حملاتهم الظالمة على سلامة وفتح صفحة بيضاء في علاقتهم معه والتعاون من الباب العريض ودعمه ليتمكن من اعادة ترميم الوضع النقدي بما يساعد على استنباط الحلول الانقاذية التي تساهم بالحفاظ على القطاع المصرفي بعد اعادة هيكليته وحماية كامل ودائع اللبنانيين بكافة شطورهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وتصحيح مالية الدولة لاعادة استنهاض البلد من جديد.
بالخلاصة ثبت بعد كل ما تقدم أن شنكر هو حاكم لبنان الفعلي ومعظم مساعدي قياداته من قوى ٨ و١٤ آذار والتيار الوطني الحر أزلام عنده ومخبرين ومأجورين ومنفذين لأوامره خدمة لأجندة أسياده وليس خدمة للبنان واللبنانيين طمعا بحفنة من الدولارات الفريش أو طمعا بمركز مالي ونقدي ووزاري.

 

The post بالوقائع والأدلة رياض سلامة بريء من مجزرة انهيار الليرة وأموال المودعين 10 appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات