30 March, 2024
Search
Close this search box.
حديث الجمعة – أهمية العلم في الإسلام
Spread the love

بقلم المهندس بسام برغوت

وردت كلمة «العلم»  بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله جل جلاله 779 مرة ، وهذا الرقم الكبير مؤشر على اهمية العلم في الاسلام وعلى اهمية العلماء ورثة الانبياء.

هناك كلمات  كثيرة وردت في القرآن الكريم  تشير كلها الى معنى «العلم» ولكن ذكرت بألفاظ اخرى لها دلالاتها العلمية مثل : اليقين، الهدى، العقل، الفكر، النظر، الحكمة، الفقه، البرهان الدليل، الحجة، الآية والبينة، وهذه الكلمات كلها تندرج تحت معنى العلم وتحث عليه .

ان «العَليمُ» اسمٌ من أسماء الله الحُسنى، فهو العلام العليم، و «العِلمُ» بكسر العين في اللُّغة من الفعل الثُّلاثي «عَلِمَ» ، أي عَرِفَ ما كان مجهولًا بالنِّسبة إليه في حدود القُدرات البشرية.

أولىّ الإسلام العلم أهمية عظيمة  جاءت بنصوص واضحة وصريحة في بيان فَضْلِهِ والحَثّ على طَلَبِهِ ونشره ، وقديماً قيل « اطلبوا العلم ولو بالصين».

يقوم دين «الإسلام» على العلم ويرفض الضلالة والاوهام جملة وتفصيلاً. لقد نزل الوحي ، أول ما نزل ، بخمس آيات تدور كلها حول قضية واحدة وهي قضية العلم ، فقال تعالى في اول سورة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم : «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»

(سورة العلق).

جاء في الأثر أنّ الأنبياء عليهم السّلام لا يورّثون ذهبًا، ولا فضّةً، ولا منصبًا، وإنّما يورّثون العِلم لمن بعدهم. والإسلام دِين العِلم والتّعليم؛ فبعد سورة العلق نزلت سورة نون التي جاء فيها: «ن* والقلم وما يسطرون» (سورة القلم). ان هاتين الآيتين عظّمتا شأن القراءة والكتابة. فقد أقسم الله سبحانه بالقلم وهو أداة التّدوين والكتابة والحفظ، وبالقراءة والكتابة تُكتسب العلوم المختلفة وتزدهر الحضارات وينتشر العِلم .

يُعّرف العلم بأنه معرفة حقائق الأمور، صغيرها وكبيرها، حلوها ومرّها، وهو ليس محصوراً على أمر مُعيّن من الأمور، إنّما يشمل كافة المعارف المختلفة والمتنوعة التي تغطي كافة مناحي الحياة المختلفة، وهو عملية مستمرة لا تتوقف عند حد او زمن، بل إنها تبدأ بولادة الإنسان، وتتكامل جيلاً بعد جيل، فالإنسان في كافة مراحل حياته يكون مُتعطّشاً للعلم والمعرفة، ولكن كلّ على قدر مستواه، ومن يمتلك الرغبة الحقيقية في المعرفة ،ليس كالجاهل الذي لا يبدي اي اهتمام، ولا يمتلك أي حس بهذه الأمور، والذي يشكل عالة على الانسانية، فهو مستهلك فقط، لا يساهم في الإنتاج. والله جل شأنه يقول في محكم كتابه : «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» (سورة الزمر ).

حَظِيَ العلم على اهتمام كبير من قبل الإسلام ، ونزلت بشأنه العديد من الآيات الكريمة التي تدعو  إلى استخدام العقل، والسعي إلى طلب المعرفة،  لقول الله تعالى : «وقل ربِ زدني علماً» (سورة طه). فَبِاْلِعْلمِ يتعرف الإنسان على عظمة الله الخالق، وعلى عظمة خلقه، ومخلوقاته، ولذلك فإن للعلماء مكانة خاصة في الإسلام يتقدمون على غيرهم في الحياة الدنيا، وفي الآخرة. يتميز أهل العلم بسرعة إدراك الحق، فهم يحكمون عقلهم في كافة الأمورمما يجعلهم من السباقين في الحياة.إن حُكْمَ طلب العِلم في الإسلام يتراوح ما بين فرض عين وفرض كفايةٍ، أي أنّه لا بُد من طلب العِلم في ديننا الحنيف على كل مسلم ومسلمة ، وقد حثّ ورغّب الإسلام في طلب العِلم والسّعي وراء الحِكمة والمعرفة ، فالعلم هو أداةٌ في يدّ الإنسان يذلل بها صِعاب الحياة، وتعينه على ادارة حياته وانجاز اعماله. ولكي يُشجع الإسلام النّاس على طلب العِلم ، نصّت العديد من الآيات في القرآن الكريم على فضل العلم واهله ، وعلى مكانة العلماء  لقوله جل شأنه: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ» (سورة فاطر).

إنّ أعظم دعامةٍ للأمم هي دعامة العلم. وبالابتعاد عنه يسود الجهل والضلال ويضيع الحق، لذلك اوجب الله على القيمين واولهم الرسل تعليّم مجتمعاتهم أمور الحياة ، مما يؤدي لتطورها ، فليس لأمة أن تنجح او تتطور اذا لم تولي العلم كلّ الاهتمام. جاء في القرآن الكريم قول الله عزوجل : «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» ( سورة الجمعة ).

ختاماً، يتميز العلم بلذة المعرفة التي لا تُعادلها سعادة اخرى.  ويعتبر طلب العلم دليلاً على الانفتاح على معارف الكون الذي خلقه الله ودعانا في محكم اياته للتفكر فيه وفي انفسنا. إن الشغوف بالعلم يلجأ إلى قراءة الكتب التي هي حصيلة أفكار ومعارف ودراسات انجزها علماء في القديم والحديث. لا يقتصر اثر العلم على المستوى المعيشي أو المادّي للانسان ، ولكن  اثره الحقيقي ينعكس إيجاباً على أخلاق المجتمعات، فالحضارة لا تبنى بالتقدّم والتطوّر العلميين فقط دون أخلاق، لأنّ أساس العلم هو الأخلاق التي تكمن في جوهره، فالعلم يهذّب النّفس البشريّة ويعوّدها الصّبر والتّواضع، والعالم من عَلِمَ مدى جهله بالكثير رغم ما يمتلك من المعرفة. أمّا الجاهل فيرى نفسه عالمًا رغم جَهْلهِ وقُصُورِ معرفته وفقرها، ذاكرين قول المتنبي في هذا السياق:

ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ

وَأَخو الجَهالَةِ  في الشَقاوَةِ يَنعَمُ.

المهندس بسام برغوت

The post حديث الجمعة – أهمية العلم في الإسلام appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات