26 April, 2024
Search
Close this search box.
الكويت قبل الانتخابات والخروج من حلبة التعطيل
Spread the love

بقلم خيرالله خيرالله

 

امتلأت شوارع الكويت على غير العادة بلافتات اعلانية تحض الناخبين على التصويت بكثافة للانتخابات النيابية المقبلة في 6 حزيران -يونيو 2023، وهذه الاعلانات ليست لمرشحين انما يبدو انها نظمت من وزارة الاعلام خصوصا ان ممثلين ومشاهير شاركوا فيها.

ماذا يعني هذا الأمر؟

يعني باختصار ان الحكومة الكويتية لمست برودة شعبية في ما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي المقبل خصوصا ان عدد المرشحين هو الاقل منذ سنوات ولذلك تم تنظيم الحملة لدفع الناخبين الى الاقبال على التصويت ان ارادوا التصحيح والتغيير. تبدو نسبة الإقبال على التصويت في غاية الأهمّية، وتبدو بمثابة أحد التحديات التي تواجه الحكومة التي تريد من المجلس الجديد لعب دور في إعادة الروح إلى الحياة الساسيّة في البلد… والخروج من حلقة التعطيل لأي مبادرة تصبّ في خدمة التنمية التي تحتاج إليها الكويت.

لماذا لا توجد حماسة لا في الترشح ولا في الانتخاب كما تظهر مؤشرات المزاج الشعبي؟

بالنسبة إلى الترشُّح، هناك الكثير من الشخصيات فضلت عدم خوض الاستحقاق النيابي لأن المشهد السياسي الكويتي وصل الى درجة كبيرة من التراجع بفعل تقدم الخطاب الشخصي والشعبوي وتراجع الخطاب المتزن المحترم لعمل المؤسسات وفصل السلطات. تعيش الكويت حالة فرز مخيفة هي الاولى منذ سنوات. توجد جهات تصبّ الزيت على نار التباينات وتحولها الى صراعات شخصية اكثر منها سياسية. يساعد في ذلك وجود جيوش الكترونية تدعم هذا الفريق او ذاك. ولذلك فكل شخص يريد ان يترشح يعيش حالا من الإرهاب والترهيب تدفعه الى الاعلان اما انه مع هذا الفريق او ذاك. وفي حال اراد خوض مسار مستقل وجد نفسه في مرمى الاتهامات والتصنيف فورا. اضافة الى ذلك كلّه،  هناك مرشحون يعتبرون ان خللا قانونيا ودستوريا قد يتضح بعد الانتخابات يؤدي الى اكتشاف مثالب كفيلة بابطال العملية الانتخابية كما حصل مع مجلس 2022 ولذلك يفضّل هؤلاء الانتظار لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور وهل تدخل الكويت في المستقبل القريب مرحلة الاستقرار السياسي، وهي مرحلة في حاجة شديدة إليها.

اما بالنسبة إلى الإقبال على التصويت، فهناك فعلا حالة ملل لدى الناخبين الكويتيين من اداء الحكومة ومجلس الامة على السواء، وهم يرون ان الخلاقات اخذت منحى شخصيا من قبل مجموعة من المرشحين بدل ان تعرض برامجها الوطنية الشاملة المتضمنة اقتراحات بقوانين اصلاحية وخرائط طريق للتغيير. على سبيل المثال، ركّزت جهات معيّنة على اسقاط رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، وقال احد المرشحين علنا:»هدفنا ليس منع وصول مرزوق الغانم الى رئاسة المجلس فحسب بل نريد ايضا اسقاطه في الانتخابات». حصل ذلك، مع العلم ان غالبية الكويتيين تدرك ان الغانم حصل في الماضي وسيحصل في المستقبل على اعلى الاصوات في دائرته.

كذلك، لم يلمس الناخبون اي تغيير عند تصويتهم لشخصيات كانت تمثل المعارضة في مجلس 2022، اذ كان مجلسا معارضا بامتياز رأسه احمد السعدون وتولى نيابة الرئاسة فيه محمد المطير رأس حربة المعارضة في المجلس الذي سبقه، لكن هذا المجلس تصادم مع الحكومة التي يرأسها الشيخ احمد النواف نجل امير الكويت الشيخ نواف الأحمد. في ضوء هذا التصادم، تغيبت الحكومة عن الجلسات وقدمت استقالتها عند تقديم طلب استجواب.

تعود عدم حماسة الناخبين الكويتيين بشكل اساسي الى انهم لا يريدون استمرار ايقاع اداء مجلس الأمة كما هو عليه. يرفض المواطن العادي ما يحصل على أرض الواقع بعدما بات  كل نائب «يمشّي» أمور ابناء القبيلة او الطائفة او المنطقة وتتدهور  العلاقات بينه وبين الحكومة وتتحسّن إذا قبلت وساطته او رفضتها.

يتطلّع الكويتيون الى تعهدات غير موجودة من الجميع حتى الآن. يتطلّعون في الواقع إلى حصول تطوير للدستور وتحديث له يلجمان ما أمكن الصراعات بين المجلس والحكومة ويؤديان الى قيام مسار تنموي منفصل عن الصراعات والخلافات السياسية. لكن ّ مثل هذه الامور لا تحصل في الكويت. على العكس من ذلك، توجد مشاريع كثيرة تنتظر في ثلاجة التجميد، منذ سنوات عدّة، انفراج العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. هذا الانفراج، كما يقول العقلاء من أهل الكويت، لن يحصل في ظل النهج الذي تسير عليه الامور منذ سنوات طويلة. إنّه نهج التعطيل المتبادل بين الحكومة والمجلس النيابي.

يريد الكويتيون استمرار الحياة الديموقراطية والمعايير الدستورية التي تميزهم في مجال الحريات والتعبير، لكن الحاجة صارت اكثر من ملحة لقيام اصلاحات تبدأ من تحديث الدستور من اجل حماية عملية التنمية بعدما سبقت دول مجاورة الكويت في ذلك باشواط. كذلك، يريد الكويتيون بقاء التشريع والرقابة من قبل برلمان قوي لكنهم لا يريدون ان يوقف سؤال برلماني او استجواب لوزير مشروع بناء جامعة مثلا، أو ان تتغيب الحكومة عن حضور جلسات البرلمان فتتوقف امور البلاد والعباد. هناك اكثر من طرح في هذا المجال عبر تفعيل اللجان البرلمانية في ما يتعلق بالاسئلة والاستجوابات وعبر انشاء مجلس شيوخ، مثلا، ينظر في دستورية اي خطوة فيما تبقى المشاريع في طريقها الى الانجاز.

لكن المهم في الكويت ان تبقى العملية الديموقراطية حية، سواء تميز الاستحقاق الانتخابي بالبرودة او بالحرارة، فهو خيار لا عودة عنه كما قال ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الاحمد الذي كان في كل خطاب له يتوجه دائما وبلا حواجز الى الكويتيين قائلا انهم هم من يحددون مسارهم ومصيرهم من خلال العودة لهم في كل مرة تدخل الازمة السياسية نفقا مسدودا.

في احد الفيديوات التي تروج لضرورة المشاركة في الانتخابات يقول الفنان الكويتي القدير سعد الفرج ما معناه ان «ما كنا عليه مهم والأهم ما سنكون عليه» في عبارة تختصر ان يكون الكويتي، أوّلا وأخيرا، صاحب القرار عبر خياره الحر… على أن يصبّ ذلك في الخروج من حلبة التعطيل المتبادل، وهي حلقة مقفلة تشكل خطورة على مستقبل البلد!

The post الكويت قبل الانتخابات والخروج من حلبة التعطيل appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات