19 March, 2024
Search
Close this search box.
بقلم مروان اسكندر – اخطاء مقال محاسبة لمنظومة الفساد
Spread the love

جريدة الشرق الاوسط التي تصدر في لندن وقد تأسست سنة 1987 من قبل الامير احمد بن سلمان بن عبد العزيز احد ابناء الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عرف عنه محبته للاعلام الموثق والمهذب منذ زمن، ويرأس تحرير الشرق الاوسط الجريدة اليومية التي تعتبر من افضل الجرائد العربية والاجنبية صحافي لبناني مميز هو غسان شربل الذي يشرف على محتويات الجريدة التي تعتبر من افضل وسائل الاعلام في العالم العربي.

يوم 23 آذار قرأت مقالاً في قسم الرأي للسيد حنا صالح والمقال يتناول حاكم مصرف لبنان بانتقادات لا تمت الى الحقيقة بصلة بداية بتصويره لمجريات الاستماع الى الحاكم من قبل ثلاثة محققين من سويسرا، وفرنسا واللوكسمبورغ الذين استمعوا لشهادة الحاكم خلال يومين على اجاباته ل198 سؤالاً وجهت اليه.

وكاتب المقال يعتبر ان رياض سلامة هو من يحمي مجموعة من المستفيدين من السرقات والنهب ولا يوفر اي دليل، بل هو يكتب وكانه كان حاضرًا لجلستي المناقشة ولا بد من تبيان اخطائه التي تطال قضاة لبنانيين، وسياسيين من كبار المستفيدين من عقود الدولة ويجب التوقف عند معطيات لا يوليها الكاتب اي اهمية.

والد رياض سلامة وعمه حققا ثروة كبيرة من العمل في افريقيا لفترة 40 عامًا وبعد عودتهما الى لبنان اواخر الستينات قررا الاستثمار في مجالات العقارات وحققا نجاحًا ملحوظًا وهما يتمتعان بمساحات واسعة في مناطق تطورت بسرعة مثل جادة ميرنا الشالوحي، وعمه انشأ فندقًا ومرفأ سياحيًا على مقربة من نادي الكسليك في جونيه.

عام 1973 حينما انضم رياض سلامة الى فريق شركة الميريل لينش كان والده لديه حساب لدى هذه الشركة الاميركية يوازي 40 مليون دولار، وبعد عمل رياض مع الميريل لينش حتى عام 1992 اعلن عن ان ثروته من عمله مع الشركة تبلغ 24 مليون دولار اضافة الى 3 شقق في باريس واذا افترضنا نمو ثروة والده بمعدل 6% سنويًا، وكان رياض يحقق افضل نتائج لشركة الميريل لينش بحيث حاز على جائزة افضل منتج 13 سنة وتحصل له من عمله ما سمح له بان يوافق على تولج قيادة مصرف لبنان منذ خريف 1993.

حينما تولج رياض سلامة حاكمية مصرف لبنان كان سعر صرف الليرة قد تجاوز ال1800 ليرة للدولار في حين نهاية عهد الرئيس الياس سركيس وانتخاب بشير الجميل رئيسًا كان سعر صرف الليرة اللبنانية 3.7 ل.ل مقابل الدولار. وخلال السنوات الاولى لحاكمية رياض سلامة انخفض سعر الصرف الى مستوى 1507 ل.ل.

تنامى حجم ودائع البنوك اللبنانية بسرعة مقبولة عام 2008 حينما افلس بنك ليمان في نيويورك وتصاعدت المخاوف وانهارت الاسواق العالمية وواجه العالم ما اسمي بالأزمة المالية

العالمية عم 2008. وفي ذلك التاريخ حول اللبنانيون من اصحاب الاعمال الناجحة في الخارج مبلغ 24 مليار دولار الى لبنان الامر الذي ساهم في ارتفاع حجم ميزانيات البنوك بنسبة 25%، وحينئذٍ تشجع مصرفين لبنانيون على تأسيس مصارف تابعة لهم في فرنسا، وسويسرا (وعلى فكرة كان البنك اللبناني للتجارة متواجدًا في البلدين قبل عام 1960 اضافة الى سوريا، وقطر).

حينما تولج رياض سلامة مسؤولية قيادة مصرف لبنان انكب على تجهيز البنك بأفضل وسائل التحقق الالكتروني وانجز مبنى خصص بكامله لهذا النشاط واستقدم خبير مميز للإشراف على فريق مصرف لبنان.

اصبح لمصرف لبنان مجلس مركزي يتكون من الحاكم ونوابه ومدير عام وزارة المال الذي كان قريبًا من رئيس الجمهورية حينذاك الجنرال اميل لحود، واضيف للمجلس ممثل لوزارة الاقتصاد، والمجلس المركزي صاحب الصلاحية في القرارات الرئيسية التي تتعلق بالعمل المصرفي في لبنان، وممثل وزارة المالية الاستاذ آلان بيفاني شارك في كل جلسات المجلس المركزي لمدة عشرين عامًا ووافق على قراراتها كلها، ومن ثم وبعد استقالته منذ سنتين بدأ يهاجم حاكم مصرف لبنان على امل تولجه هو هذا الدور واصبح ينعم بملكية فيلا في جنوب فرنسا.

نمو عمل المصارف التي تأسست من المصارف اللبنانية في الخارج حازت على نسبة 42% من الودائع، وهذه لم تكن تخضع لتعاميم مصرف لبنان، بل هي تخضع لتوجهات البنوك المركزية في مراكز عملها، ونشير هنا الى ان سويسرا التي اكتسبت شهرة مصرفية شجعت اصحاب الودائع من اللبنانيين والعرب على فتح حسابات لديها، تعرضت للافلاس عام 2008 فأنقذتها الحكومة السويسرية. واليوم انقذ ثاني اكبر بنك في سويسرا المملوك بنسبة 10% من بنك سعودي ملحوظ الى الافلاس بسبب ممارسات من قبل الفرع التابع للبنك في لندن.

من اجل تذكير الكاتب المتصدي للبنان واهله يوم 23 آذار 2023 نلفت نظره الى ان خسائر ثاني اكبر بنك في سويسرا استدعت تامين سيولة له من المصرف المركزي بلغت 54 مليار دولار وخسائر هذا البنك في سوق لندن، حيث يعمل على ما اعتقد حنا صالح، لكن المشكلة السويسرية لم تحظ باهتمامه، فكل اهتمامه منصب على لبنان وادعاء تآزر حاكم مصرف لبنان مع بعض السياسيين والمصرفيين.

نتوقف هنا لإعطاء الكاتب الفذ معلومات عن حسابات مصرف لبنان. القيود المحاسبية لمصرف لبنان كما ل90 مصرفًا مركزيًا في العالم مرسومة بتفصيل من قبل بنك التسويات الدولية الذي يعتبر البنك المركزي للبنوك المركزية، فلا يمكن الادعاء بانها ارقام خاضعة للغش.

تغاضى الكاتب حنا صالح من امر بالغ الاهمية وهو ان استيراد المشتقات النفطية في لبنان والذي كان ولا يزال يحظى بنسبة من الدعم ارتفع بصورة صاروخية منذ عام 2013 حينما فقدت سوريا حقولها النفطية الارضية للقوات الاميركية التي تنتج النفط السوري وتبيع وتغذي قوات

الاكراد المناهضة للحكم السوري، وحسب حسابات دقيقة حققت سوريا من تهريب نسبة 30% من الكميات المستوردة من لبنان الى سوريا وتمتع جماعة الفئة الحاكمة في سوريا ومساعديهم اللبنانيين اي حزب الله 30 مليار دولار خلال السنوات 2013-2022 والحبل على الجرار.

الحاكم صرح وجاهًا ومنذ فترة غير قصيرة بان عجز مصلحة كهرباء لبنان المتأتي في المكان الاول عن استهلاك الوقود استوجب تامين مبالغ بصفة قروض مؤقتة من مصرف لبنان بلغت 46 مليار دولار وعند اضافة فوائد بنسبة 6% على هذه المبالغ والفترات المنقضية على وجوب تحصيلها تصبح النتيجة توازي 65 مليار دولار ما عدا قيمة الكميات المهربة من النفط الى سوريا اي ما يفوق بأشواط قيمة الدين العام اليوم بالعملات الاجنبية.

يضاف الى هذه الخسائر المبالغ التي استلبت بالقوة من بعض الضباط السوريين من مصارف لبنانية ومنها كما ظهر من قيود بنك المدينة 45 مليون دولار استلبها رستم غزالة الذي استحق القتل من اهل قريته في سوريا لانه كان يتباهى بما حققه من منافع في لبنان.

الحديث لا ينتهي عن اخطاء حنا صالح. فهو يعتبر ان الحاكم تآزر مع كبار المصرفيين لانجاز تحويلات بعد تفجر اوضاع لبنان بتاريخ 19 تشرين الاول عام 2019، والواقع ان ابتعاد المستثمرين عن لبنان تزايد بعد تمنع حكومة حسان دياب عن دفع مستحقات دين اليوروبوندز في آذار عام 2020. ومعلوم ان اصل الدين كان يبلغ 34 مليار دولار وحتى عام 2020 كان اصل الدين قد سدد ولم يتبق سوى احتساب الفوائد المتأخرة. وكان الحاكم قد اكد ان تواجد العملات الحرة كان يسمح بتسديد الفائدة واستمرار استقرار سعر صرف الليرة، لكن التحكم بعجز الميزانية الذي هو يتسبب في حال نموه بسرعة في هبوط سعر الصرف هو امر بيد مجلس الوزراء ولا سلطة للحاكم على ضبط نفقات الدولة التي استمرت بعجز يوازي 11% من الدخل القومي لسنوات.

اخيرًا كلام لكاتب المقال يعود الى جهله لقوانين لبنان المصرفية. مراجعة ميزانيات البنوك هي بيد لجنة الرقابة على المصارف التي تديرها سيدة مقتدرة، وهنالك جمعية القرض الحسن التي بدأت تنافس البنوك بفروعها المتعددة وحجم ميزانياتها.

لبنان بحاجة الى الدقة في معالجة اخبار الاقتصاد وحماسة البعض لاطلاق التهم كانت في بلاد حضارية تؤدي الى السجن بالتأكيد.

مروان اسكندر

The post بقلم مروان اسكندر – اخطاء مقال محاسبة لمنظومة الفساد appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات