25 April, 2024
Search
Close this search box.
لبنان إلى نقطة اللاعودة… أخطر من الفراغ الرئاسي
Spread the love

بقلم خيرالله خيرالله

بعد الإتيان بميشال عون رئيسا للجمهوريّة بالطريقة التي وصل بها إلى قصر بعبدا، ليس مستغربا عقد جلسة نيابية تلو الأخرى من أجل تثبيت قواعد جديدة يحكم بموجبها البلد. من بين هذه القواعد، المطلوب تثبيتها نهائيا، أنّ «حزب الله»، ومن خلفه ايران، يقرّر من هو رئيس الجمهوريّة اللبنانية. وهو رئيس الدولة المسيحي الوحيد في المنطقة العربية ومحيطها.

سيتوجّب على هذا الرئيس، الذي يسمّيه الحزب «توافقيا»، أي أن يكون في جيبه، السير على خطى ميشال عون و»رئيس الظل» جبران باسيل الذي كان الرئيس الفعلي في قصر بعبدا لست سنوات.

ثمة ملحق للقاعدة المطلوب تثبيتها. يقول الملحق المخفي، اقلّه إلى الآن، أنّ «حزب الله» سيقرّر لاحقا ما إذا كان مسموحا بأن يكون رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة من الطائفة المسيحيّة. إذا لم يُستجب لطلبه القاضي بأن يكون رئيس الجمهورية من نوعية الثنائي ميشال عون – جبران باسيل واميل لحود، سيأتي يوم سيطرح فيه جدّيا هل تبقى رئاسة الجمهوريّة للمسيحيين الموارنة أم لا… أم لا بدّ من «مؤتمر تأسيسي» يقرّر أنّ رئيس يمكن الّا يكون مسيحيا… أو لا بدّ، في الحدّ الأدنى، من وجود نائب لرئيس الجمهورية من الطائفة الشيعيّة يعوض عن غياب الطائفة عن السلطة التنفيذيّة؟

بعد حرب إقليم التفاح الشيعيّة – الشيعيّة أواخر ثمانينات القرن الماضي، حقّق النظام الإيراني انتصارا حاسما في المنافسة بينه وبين النظام السوري على من يهيمن على شيعة لبنان. كانت النتيجة ابتداع معادلة السلاح يحمي الفساد التي نشأ على اثرها ما بات يُعرف بالثنائي الشيعي استنادا إلى مبادئ ثابتة، بمعنى أن القرار السياسي الشيعي عند «حزب الله» وليس عند أي طرف آخر.

مع انسحاب الجيش السوري من لبنان وملء «حزب الله» الفراغ السياسي والعسكري والأمني في العام 2005، مباشرة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، طبق الحزب معادلة السلاح يحمي الفساد مسيحيا عبر وثيقة مار مخايل التي وقعت في السادس من شباط 2006  بين حسن نصرالله وميشال عون. كان نجاح الرئيس السابق للجمهوريّة في التزام روح الوثيقة، أي توفير غطاء مسيحي لسلاح «حزب الله» ما اوصله إلى رئاسة الجمهوريّة بعد رحلة طويلة مع هذا الحلم جعلته في مرحلة معيّنة في أحضان صدّام حسين!

هناك ما هو اخطر من الفراغ الرئاسي الذي تستخدمه «الجمهوريّة الإسلاميّة» وسيلة ضغط على الإدارة الأميركية وعلى الأوروبيين والعرب الشرفاء، أو هكذا تعتقد.  ففي موازاة الجلسات التي يعقدها مجلس النواب، تستمرّ عملية إفراغ لبنان من اللبنانيين عن طريق دفع المسيحيين، خصوصا، إلى الهجرة. لم تكن هجرة المسيحيين يوما سوى اختصاص عوني (نسبة إلى ميشال عون) مورس في الماضي عندما ذهب «الجنرال» إلى حرب على «القوات اللبنانية» التي كانت لا تزال ميليشيا. بلغت تلك الحرب قرى في كسروان!

كان ذلك في العامين 1989 و  1990 عندما أقام ميشال للمرّة الأولى في قصر بعبدا بصفة كونه رئيسا لحكومة عسكريّة مؤقتة لا مهمّة لها سوى تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة خلفا للرئيس أمين الجميّل. كانت المهمّة الحقيقية التي مارسها ميشال عون وقتذاك مقتصرة على تدمير المنطقة المسيحية وتهجير اكبر عدد من المسيحيين من لبنان. لم يكن عهده الميمون بين 2016 و 2022 سوى استكمال لمرحلة 1989 – 1990 لا اكثر.

طوّر «حزب الله» الذي لا بدّ من التذكير، للمرّة الألف، أنّه ليس سوي لواء في «الحرس الثوي» الإيراني أساليب ميشال عون في مجال تهجير اللبنانيين من لبنان. نراه اليوم، بعد القضاء على كلّ المقومات التي نهض عليها البلد. يريد، بكلّ بساطة، إيصال لبنان إلى نقطة اللاعودة. يستغلّ السذاجة التي يتمتع بها قسم لا بأس به من المسيحيين اللبنانيين، أولئك الذين يعتبرون نفسهم محسوبين على ميشال عون تحديدا، من اجل تغيير طبيعة لبنان بشكل نهائي.

بات هناك ما هو ابعد من الفراغ الرئاسي. بات هناك ما يمكن اعتباره تدميرا نهائيا للبنان كي لا تقوم له قيامة يوما. ليس الكلام الأخير لـ»المرشد» الإيراني علي خامنئي الذي قال فيه: « إنّ دور ايران في العراق وسوريا ولبنان افشل المشروع الأميركي لإسقاطها»، سوى تعبير عن النظرة الإيرانيّة إلى لبنان كـ»ساحة خلفيّة» في المواجهة بينها وبين الولايات المتحدة. هذه مواجهة لم تمنع ايران من السماح بترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل في رسالة ودّية مباشرة إلى الأميركي والإسرائيلي من جهة وخشية عمليّة عسكرية اسرائيلية واسعة النطاق تلحق ضررا كبيرا بـ»حزب الله» من جهة أخرى.

تأخذ «الجمهوريّة الإسلاميّة» لبنان الذي تعتبره مستعمرة من مستعمراتها إلى نقطة اللاعودة وذلك على الرغم من الأزمة الداخلية الكبيرة والعميقة التي يمرّ فيها النظام فيها. تعني نقطة اللاعودة القضاء مسبقا على أي مشروع يمكن إعادة لبنان إلى ما كان عليه مع إزالة المكوّن المسيحي من الوجود في ظلّ غياب كامل للثقل السنّي. ما هو لافت في المرحلة الراهنة ذلك الغياب السنّي الذي يعبّر عن نفسه بطرق مختلفة من بينها افتقاد زعامة قادرة على ربط البلد بمحيطه العربي مجددا والإنفتاح على العالم بدوله المختلفة في الوقت ذاته.

ليس صدفة أن «حزب الله» قرر في العام 2011  اسقاط حكومة سعد الحريري عندما كان الأخير مجتمعا بالرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض… وفعل ذلك من بيت ميشال عون وليس من مكان آخر!

The post لبنان إلى نقطة اللاعودة… أخطر من الفراغ الرئاسي appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.

التاريخ

المزيد من
المقالات