كتب عوني الكعكي:
هذا الهدوء المفاجئ الذي صدر عن أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله جاء متأخراً. إذ تبيّـن أنّ هناك تعثراً في التنسيق بين قيادات الحزب، خاصة بعد التصريح الذي أدلى به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد مهدداً ومتوعداً.
على كل حال… لن نتوقف عند هذه النقطة.. ولا بد من النظر الى كلمة السيّد حسن نصرالله بإيجابية خاصة في ما يتعلق بموضوع المشاركة لإعادة بناء الوطن، وأنّ أي فريق لا يستطيع أن يحكم وحده من دون تعاون واتفاق مع الافرقاء الآخرين.
لا شك ان كلام «السيد» قبل الانتخابات كان شيئاً مختلفاً، إذ كان يدعو الى دعم شركائه من الطوائف الأخرى، وكان أكثر من داعم، حيث يُقال إنه قدم الدعم المادي لعدد كبير من الحلفاء وكان هذا الدعم سخياً.
على كل حال، الموضوع المالي بالنسبة للانتخابات هو موضوع عادي وموجود، منذ أن بدأت الانتخابات ولكن بنسب متفاوتة خاصة بعد عام 1972 حيث ارتفع سعر برميل النفط من دولارين الى 20 و30 دولاراً، وهنا بدأت «الطفرة».
لقد راهن السيّد على انكفاء الرئيس سعد الحريري عن الساحة الانتخابية، ووجد فيه فرصة كبيرة لزيادة حصته في الطائفة السنّية، ليتبيّـن ان هذا الكلام غير دقيق، وأنّ الحقيقة عكس ذلك تماماً، لا بل ان غياب الرئيس الحريري أعطى فرصة للمتطرفين وللمجتمع المدني ثانياً وهذا ما أظهرته النتائج، هذا أولاً…
ثانياً: تبيّـن ان حليفه الأساسي وهو التيار الوطني الحرّ وبالرغم من فبركة قانون انتخابي على قياس الصهر العزيز، وبالرغم من استغلال المواقع الحسّاسة في الدولة من الوزارات الى المدراء العامين الى السفراء وإلى الكثير من المواقع، إذ لم يترك الصهر موقعاً واحداً إلاّ واستفاد منه، ووضع أحد المناصرين له ليكسب ناخباً إضافياً للتعويض عن شعبيته المفقودة والمهزوزة.
ثالثاً: بالعودة الى قانون الانتخاب الذي فصّل على قياس الصهر، فإنّ أفضل تسمية أطلقت عليه: قانون «قابيل وهابيل» حيث يصبح المرشح ضد أخيه.. وقد أعلن عدد كبير من المرجعيات عن اعترافهم بأنّ هذا القانون سيئ ويجب إعادة النظر فيه.. ونذكّر هنا بما قاله بالأمس الوزير سليمان فرنجية.
رابعاً: كانت غاية السيّد الحصول على أكبر عدد من النواب المؤيّدين للحزب، لكن حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات البيدر.
خامساً: تبيّـن ان «القوات اللبنانية» حصلت على حصة وازنة، وأنّ هناك خدمة إلهية قدمها الحزب قبل الانتخابات.. يوم التظاهرات التي قامت قرب قصر العدل وتطوّرت بدخول عناصر من الحزب الى عين الرمانة، هذه الحادثة أعطت الدكتور سمير جعجع نصراً إلهياً لم يكن يتوقعه في حياته، إضافة الى مذكرة الجلب التي أصدرتها بحقه استخبارات الجيش للاستماع الى إفادته بشأن أحداث الطيونة.
سادساً: اما السقوط الكبير فكان سقوط حلفاء سوريا في لبنان بدءاً بالمير طلال ارسلان الصديق الشخصي للرئيس بشار الأسد، الى السيّد وئام وهّاب حامي الحمى، والناطق الرسمي باسم المخابرات السورية التي بفضلها استطاع وهّاب أن يكون وزيراً، وهذا طبعاً نكاية بوليد جنبلاط… اما الزعيم فيصل كرامي، ابن الزعيم عمر كرامي شقيق الشهيد رشيد كرامي، فكان سقوطه لافتاً أمام اللواء اشرف ريفي الذي أغدقت عليه الأموال كالمطر حيث لم يعد يعرف ماذا يفعل بها…
الحليف الرابع هو الحزب القومي السوري، ويبدو ان المزاج الوطني ابتعد كثيراً عن هذا الحزب التاريخي الذي يؤمن بالعلمانية وهو الحزب الوحيد الذي لا علاقة به بالطائفية.
سابعاً: نجاح المجتمع المدني الذي كان مفاجئاً للطبقة السياسية المتربعة على عرش السلطة منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا… هذه المفاجأة الكبرى لا شك انها لم تكن في الحسبان ولا حتى في حساب أي مرجعية سياسية.
ثامناً: تحدّث السيّد عن انه يمثل 500 ألف ناخب وهذا صحيح، لكنّ الأصح أن نصفهم له أي 250 ألفاً والنصف الآخر لدولة الرئيس نبيه بري. ومن أجل الدقة التي يتميز بها السيّد حسن نصرالله فإنّ هذا الرقم يشكل فقط 12.5٪ من الشعب اللبناني أما باقي الشعب فإنه دليل على ان الأكثرية الحقيقية هي ضد السلاح.
تاسعاً: هناك موضوعان يجب البتّ بهما وهما: موضوع السلاح وموضوع السيادة… إذ ان الانتخابات وبعد معرفة أسماء الناخبين ومنهم عدد غير قليل من خارج المنظومة المحسوبة على «الحزب» وحلفائه، أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك ان الأكثرية انتقلت من «الحزب» الى المنادين بالسيادة والتخلص من السلاح غير الشرعي.
وأخيراً… وطالما أنّ السيّد بدأ بالاعتراف بفشل جماعته في إدارة البلد، فعليه أن يعلن عن الخطأ الذي اتخذه باختيار ميشال عون رئيساً بعد تعطيل لهذا المنصب لمدة عامين ونصف العام…
أما الحلّ لما نحن فيه… فهو بسيط، يتمثّل بعودة «الحزب» الى لبنانيته… فعندما يعود «الحزب» من «إيران» الى «لبنان»، يسهل الحلّ بل يمكن القول إنّ هناك حلولاً عدة، قد يتوصّل إليها اللبنانيون للخروج من جهنم التي يعيشون فيها.
The post نصرالله يبرّر خسارته الانتخابات بهدوء appeared first on جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة – El-Shark Lebanese Newspaper.
